- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

«النخاسة العربية» في الفنادق الفرنسيّة

باريس ــ بسّام الطيارة
في الوقت الذي يعم الهرج والمرج في العالم بسبب الفيلم المسيء للإسلام، والذي تضاعفت ردات الفعل عليه في فرنسا بعد أن نشرت الصحيفة الساخرة «شارلي هيبدو» مجموعة صور كاريكاتورية، ما زاد من هيجان المسلمين الفرنسيين والجالية العربية المهاجرة، جاء خبر «النخاسة في الفنادق الكبرى» ليزيد من تهشيم صورة العرب والمسلمين لدى الفرنسيين.
القصة قد تبدو طبيعية في الدول العربية وفي لبنان، بعدما نشرت عدة صحف تقارير وريبورتاجات عن كيفية معاملة العرب لليد العاملة «المهاجرة لديهم» من أثيوبيات وأثيوبيين من فيليبينيات وفيليبينيين وغيره من البلدان «الفقيرة» التي يلهث مواطنوها وراء لقمة العيش في بلدان عربية بسبب فارق مستوى المدخول من جهة، و«كسل اليد العاملة العربية»، من جهة أخرى.
مختصر القصة أن عاملة أثيوبية (ز. ل. ٢٤ عاماً الآن) وصلت إلى الإمارت العربية قبل سنتين للعمل لدى عائلة مؤلفة من الأب والأم وثماني أطفال. وبالطبع، كما يعرف جميع من يقرأ هذا الخبر، تمت مصادرة جواز سفرها مباشرة، وبقيت أشهر عديدة من دون رواتب ترسلها لعائلتها.
حتى الآن يبدو الخبر عادياً، نظراً للحالات المتكررة التي تحصل في الخليج (سحب باسبور ووضعه في عهدة الكفيل وحجز الرواتب من باب الحيطة). وبعد مدة «بدأ الضرب والمعاملة الخشنة»، تقول «ز.ل.» «الجميع كان يضربني بسبب أو من دون سبب»، تبكي قليلاً قبل أن تتابع «حتى الصغار كانوا يرفسونني». حتى الآن أيضاً كان هذا الأمر طبيعياً بالنسبة لعائلة خليجية، حسب ما روت جمعيات ناشطة وعدد من الريبورتاجات.
في مطلع تموز/ يوليو قررت العائلة «السياحة في باريس» وبالطبع تم إحضار العاملة «ز.ل.» إلى باريس، ونزلت معها في فندق «كونكورد أوبرا» (Concorde Opéra) الفخم حيث حجزت العائلة عدداً من الغرف الفخمة. ويبدو أن الوالدة كانت «على علم بالقوانين الفرنسية»، فطلبت من أولادها «الكف عن ضرب الخادمة إبان الفرصة».
أما المدعوة «ز.ل.» فقد أدركت أن فرصة الخلاص قد اقتربت، وخصوصاً بعدما التقت بعاملة الطابق الأثيوبية التي فاتحتها برغبتها بـ«الهجرة إلى الخليج لجمع ثروة». فأخبرت المسكينة مواطنتها ما يصيبها في الإمارات. وعندما سألتها إذا ما كانت تود الإفلات من حالة «العبودية هذه»، بالطبع كان هذا جل ما تبغيه الصبية ولكنها كانت «خائفة على جواز سفرها».
فتحدثت العاملة مع ممثلي نقابة العمال في الفندق الذين، وحسب القوانين الفرنسية التي «تحاسب من يكون شاهداً على حالة معاملة غير إنسانية ويمتنع عن الإخبار»، قرروا إبلاغ الشرطة، والامتناع عن شرح الوضع لإدارة الفندق الفاخر خوفاً من أن «يخبر زبائنه»، إذ يبدو أن حالة «ز.ل.» ليست فريدة.
وفي ١١ تموز/يوليو كانت «العائلة» تسوح خارج الفندق، فحضرت ثلة من شرطة الدائرة الثامنة والمندوبة عن جمعية «التضامن مع النساء»، كريستين لوران (Christine Laurent). وانتظر الجميع حتى الساعة الحادية عشر ليلاً مع الخوف من أن يكون الخبر قد تسرب عبر أحد موظفي الفندق. ولكن قبل منتصف الليل بقليل وصلت «العائلة» وتتبعها العاملة الأثيوبية وهي تئن تحت «حمل أكياس المشتريات كافة بينما أفراد العائلة يضحكون ويقهقهون»، كما وصفت الناشطة لوران.
وقد طلبت الشرطة جواز سفر الأثيوبية وبعد أن سألتها ما إذا كانت ترغب بالبقاء. وأمام رفضها وطلبها الابتعاد عن «العائلة» وبعدما أبرزت آثار الضرب على ساعديها، رافقتها الشرطة إلى مستوصف لاستخراج شهادة طبية بالضرب،ثم أمضت الليلة في مركز الجمعية الناشطة التي أخذت على عاتقها مصاريف إقامتها.
أما «العائلة» فكانت محظوظة. فبسبب الساعة المتأخرة لم تقدم الجمعية بدعوى في الليل ولا تحركت النيابة بصفة الحق العام. وفي اليوم التالي «قطعت العائلة إجازتها وعادت إلى وطنها،» حسب أحد مسؤولي الفندق.
القصة لم تنته، فقد وجهت إدارة الفندق رسالة تأنيب للموظفين لأنهم «تسببوا بخسارة مالية»، حسب قول النقابيين، رغم أن مدير الفندق كلود رات (Claude rath) يقول لا ليس لأسباب مالية، ولكنه أوضح أن هذه العائلة تزور دائما باريس وتنزل في نفس الفندق الفاخر.
أحد الناشطين قال لـ«برس نت» إنه يستبعد جداً أن تعود العائلة إلى فرنسا «قبل عشر سنوات» في حال رفع دعوى، إذ عليها انتظار «مرور زمن المسؤولية الجنائية».

قد يفسر هذا «غضب إدارة الفندق».