- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

حتى العام 2017 وعليكم خير

طانيوس دعيبس

ليس غريباً ان تتعرض مجموعة من الشابات والشبان اللبنانيين المنتمين إلى الحملة المدنية من أجل الإصلاح الإنتخابي إلى الضرب والإهانة أمام المجلس النيابي. وأن تتم ملاحقة ومعاقبة المواطنين الذين تجرأوا على استخدام هواتفهم الخليوية لتصوير المشهد. ولا تفيد المقارنة بين القمع بالعنف الذي مورس عليهم وبين التفاوض الطويل البال مع حارقي الدواليب وقاطعي الطرق. فالموضوع هو في الأساس، في أصل العلة. أي في عدم اعتبار واحترام المجتمع المدني ودوره في الحياة العامة.
مجموعة الشبان الذين قاموا بالتحرك يمثلون قيماً لا تقيم لها القوى الحاكمة سعيداً وزناً، ولا تعتبرها ذات أولوية. فضلاً عن انها ترى في كل “متطفل” على دورها ووظيفتها في التقرير عنصراً متدخلاً في ما لا يفقه، ولا يحترم مدارك الفقهاء في مبنى ساحة النجمة. وعليه بالتالي أن لا يقلق راحتهم وانكبابهم على التشريع.
الموضوع ليس المعاملة السيئة، إنما التجاهل وعدم الإكتراث. فالذين قمعوا يرفعون شعار الإصلاح الإنتخابي. ومن قمعهم يرفض الإصغاء إليهم لأنه يرفض الإصلاح. التفسير هو بهذه البساطة. ولا يذهب أحد إلى الإستغراب والإستهجان وإجراء المقارنات الساذجة. قاطعو الطرق لا يزعجون الطبقة السياسية، فهم يأكلون من معجنها. يزعجها اكثر بكثير ما يمثله هؤلاء الشبان من رفض لهيمنتها على الحياة السياسية، وللحواجز التي تقيمها أمام كل محاولة للخروج من حالة الإهتراء السياسي التي تتحكم بمفاصل الدولة ومؤسساتها. والحاجز الأهم هو قانون الإنتخاب.
لا تريد القوى السياسية برمتها قانوناًعصرياً وديموقراطياً للإنتخاب. ليس هذا همها ولا شغلة بالها. التفكير الوحيد بالقانون يتركز على كيفية تأمين الأكثرية من خلال تفصيله. في بلاد الناس ، تسعى القوى السياسية إلى ربح الإنتخابات بواسطة التأثير بالخطاب والشعار والإقتراحات والمشاريع والوعود السياسية والإقتصادية والإجتماعية ..إلخ. عندنا الربح بالقانون. قوى 8 أذار مع النسبية لأنها تؤمن لها الأكثرية، وليس لأنها نظام أكثر تمثيلاً وديموقراطية. وإلا، لكانت اقترحت عبر مشروعها الحكومي غير تلك الدوائر المثيرة للضحك من كثرة فجاجتها. ولكانت اقترحت إصلاحات فعلية في ما يتعلق بالعملية الإجرائية للإنتخابات. وقوى 14 أذار مع النظام الأكثري للأسباب ذاتها.
طبعاً، يوجد من يقول إن الصراع على القانون طبيعي. وأنه من غير المنطقي مطالبة القوى السياسية بالعمل ضد مصلحتها. والجواب، المنطقي هو الآخر، ان التشريع لا يتم وفق المصالح الفئوية لهذه القوة أو تلك. بل هو يتم بإسم الشعب ولمصلحته العامة، ولمصلحة تطوير الدولة، وتطوير الممارسة الديموقراطية في ما خص موضوع الإنتخابات. لكنه بالتأكيد ليس الجواب الذي يعتد به اليوم عندنا. وربما كان الأمر مفهوماً. فالصراع على لبنان هو المتحكم في الموقف والقرار في هذه اللحظة السياسية، وليس الصراع من أجل لبنان.
طاولة الحوار التي انعقدت الأسبوع الماضي في بعبدا شكلت مثالاً واضحاً على هذا الواقع. قدم رئيس الجمهورية ورقة بشأن الإستراتيجية الدفاعية. وتناول الحديث سلاح حزب الله والكلام عن وجود الحرس الثوري بين ظهرانينا. وطال النقاش بشأن سلسلة الرتب والرواتب للقطاع العام ( طبعاً ليس من زاوية الزيادة المذهلة للوزراء والنواب ). ولم يذكر أحد أن أحداً من الحضور أتى على ذكر قانون الإنتخاب. فالأولوية هي للتفتيش عن الخيط الرفيع الذي يفصل الحدث السوري عن وسائل الحفاظ على الإستقرار في البلاد، وعن الوصفة العجائبية التي تضمن حياد الدولة تجاه هذا الحدث مع بقاء كل طرف على مواقفه منه.
انتصار كل طرف بمواقفه يتطلب الإنتصار في الإنتخابات. لذلك الأولوية هي للقانون وليس للإصلاح الإنتخابي. هل يعني ذلك أن الإصلاح سيكون ضحية التحولات في سوريا ؟ قد يبدو ذلك صحيحاً في الظاهر. أو هو في جزء منه صحيح. لكن الصحيح أيضاً هو أن النظام الطائفي، بتكوينه الإنتخابي، سيعيد إنتاج نفسه، بالحدث السوري وبدونه. وما على حاملي حمل الحملة المدنية للإصلاح الإنتخابي إلا أن يتكاثروا حتى العام 2017 .