- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

جنبلاط… أيّ “تموضع”؟

زاوية حادّة

حسام كنفاني
لم يطل الانتظار كثيراً لحسم الموقف. رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي، وليد جنبلاط، لم يخيّب العارفين بالتفافاته السياسية الكثير، وظهر على قناة “المنار”، التابعة لحزب الله، ليؤكّد أنه بات في مكان آخر، وفي تمركز سياسي مختلف عن ذلك الذي أوصل إلى إسقاط حكومة سعد الحريري وتشكيل حكومة نجيب ميقاتي.
جنبلاط أعطى الكثير من الإشارات في المرحلة الماضية. إشارات أقلقت حلفاءه المستجدين، وطمأنت أصدقاءه القدامى. الساعات الماضية كانت حاسمة للزعيم الدرزي لتحديد موقفه النهائي المؤقت، طالما أن لا موقف نهائياً لجنبلاط، بحسب متابعة مساره السياسي الطويل. المحاولات الأخيرة لثني جنبلاط عن التفافه، وأهمها لقاؤه المفاجئ مع الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، لم تفلح في وقف “إعادة التموضع” الجنبلاطي.
من سمع وليد جنبلاط مساء الجمعة أدرك أن الرجل أصبح على مسافة واضحة من المواقف التي أطلقها خلال الأشهر الماضية. وما أعطى أهمية للكلام هو أنه جاء على تلفزيون “حزب الله”، إذ لا شك أن جنبلاط سعى إلى مراعاة المنبر الذي ظهر عليه، ومع ذلك جاءت مواقفه واضح في تبيان التغيير الطارئ عليه، رغم أنه يؤكد أنه “متموضع في مكانه”.
لكن عن أي “تموضع” يتحدث جنبلاط؟ بالتأكيد هو ليس عودة إلى تحالف 14 آذار، أو على الأقل ليس بعد. كما أنه ليس بقاءً في تحالف 8 آذار. هو موقف وسطي مع ميل أكبر إلى موقع جنبلاط السابق. 4 نقاط أساسية كانت في المقابلة تشي بموقع جنبلاط الجديد وتشابهه الكبير مع خطّه القديم.
1- المحكمة الدولية: جنبلاط كان واضحاً في موقفه من مسألة تمويل المحكمة، وبأن وزراءه سيصوتون إلى جانب التمويل، مدافعاً عن إصرار رئيس الحكومة نجيب ميقاتي على الأمر، رغم المعارضة الصريحة لحزب الله وتيار ميشال عون.
2- سلاح حزب الله: موقف قديم جديد أطلقه جنبلاط في ما يتعلق بهذا الملف. موقف يشبه إلى حد كبير ما كان يقوله في بداية التفافاته السابقة، سواء حين انقلب على الحزب في العام 2005، أو حين عاد إلى التحالف معه في نهاية العام 2010. جنبلاط عاد للحديث عن الاستراتيجة الدفاعية وإدراج السلاح في الدولة اللبنانية، لكن بعد حل مشكلة مزارع شبعا ومزارع كفرشوبا. لكن تجدر الإشارة إلى ان لزعيم “جبهة النضال” موقفاً أقسى من هذا الأمر كان أطلقه من مجلة “الأنباء”، قبل فترة قصيرة، حين رفض الربط بين مصير لبنان وهاتين المنطقتين المحتلتين.
3- سوريا: لعل المواقف في هذا المجال هي من أبرز المؤشرات على الالتفاف الجنبلاطي، ولاسيما انه عاد لاستعمال تعابيره القديمة في ما يخص النظام في سوريا، من دون تسميته بشكل مباشر. فرغم ما يشبه المبادرة التي أعلنها، والتي سعت إلى نوع من التوازن بين إدانة القمع وقتل العسكريين ورفض التدخل الأجنبي، إلا أن سخطه كان واضحاً على “الممارسات غير المقبولة” و”العقل الأمني المريض”، مؤكداً استخدام النظام لـ “الشبيحة”. كذلك فإن مروره مجدداً على اغتيال والده كمال جنبلاط ذكّر بما كان يتحدث عنه بعد العام 2005.
4- السعودية: الموقف من السعودية والحديث عن الملك عبد الله كـ “رجل جبار” يقدّم مؤشراً إضافياً عن الاصطفاف الجديد للزعيم الدرزي، ولا سيما أن مثل هذا الحديث يأتي في ظل الأزمة المستعرة حالياً بين الرياض وطهران، إضافة إلى الموقف الواضح للسعودية من الأزمة في سوريا.
إضافة إلى النقاط الأربع هذه، كان لكلام جنبلاط عن محمود عباس “البطل”، والعلاقة مع سعد الحريري الذي قال إنه “ليس عدوه وقد افترقنا في السياسة وقد نعود على حد أدنى من القواسم المشتركة”، وقعٌ على المستمعين.
قد لا يطول الانتظار إلى أن يحسم وليد جنبلاط وجهته، فكما كان التفافه السابق خلال الجمعية العمومية للحزب التقدمي الاشتراكي، ها هو يعد بكلمة في الجمعية المقبلة “ستحدث صدمة داخل الحزب”. حينها قد تظهر حقيقة عن أي تموضع يتحدث جنبلاط.