بسّام الطيارة
ادت مسألة الجزر لتوتر الأجواء في جنوب شرق آسيا، ليس فقط بسبب النزاع بين الصين واليابان حول «سنكاكو» كما يسميها اليبانيون أو جزر «دياويو» كما يسميها الصينيون، بل لأن هذا النزاع فتح «شهية» كل دول المنطقة على الجزر المتناثرة في تلك البحار،
يقول الصينيون أنهم أول من اكتشف جزر «دياويو» التي يبدو أنها تقع في منطقة فيها ثروات نفطية وغاز وثروة سمكية كبيرةو وقاموا بتسميتها واستخدامها والاصطياد حولها، وبأنها ظلت ضمن نطاق الدفاع البحري الصيني طوال عهد أسرة مينغ الصينية (1368-1644). وتضيف الصين بأن اليابان استولت على الجزر نهاية الحرب الصينية اليابانية عام 1895 بإجبار حكومة أسرة «تشينغ» على التوقيع على معاهدة «شيمونوسكي» والتخلي عن الجزر لصالح اليابان. وتضيف أنها استعادت السيطرة على الجزر في أعقاب هزيمة اليابان في الحرب العالمية الثانية وفقاً لـ«إعلان القاهرة وإعلان بوتسدام» وتم إلحاقها بتايوان.
ترد اليابان بأن اتفاقية رد السيادة التي وقعتها اليابان في سان فرانسيسكو مع الولايات المتحدة عام ١٩٥١ ألحقت الجزر بأرخبيل أوكيناوا الذي أعيد إلى السيادة اليابانية عام ١٩٧١. وتطالب طوكيو بالتوجه إلى محكمة العدل الدولية. وتبرز عدداً من الوثائق التي يظهر من خلالها أن الصين حتى عام ١٩٧٢ كانت تشير إلى الجزر على أنها يابانية. وأنه بعد إطلاق كيسنجر ما يسمى بـ«ديبلوماسية البينغ بونغ» وبداية إزالة الجمود عن العلاقات بين الولايات المتحدة والصين تغير إسم هذه الحزر على الخرائط الصينية. وإلا أن الصين ترفض اللجوء إلى المحكمة الدولية.
وتقترح اليابان حلاً يقضي برسم خط وسطي بين الشواطئ البحرية اليابانية والصيني وبعد ذلك يصار إلى «تعديل هذا الخط» ليتلائم مع الجرف القاري، وهو ما ترفضه أيضاً الصين.
وقد شددت بكين من لهجتها واعتبرت أن «تمسك اليابان بالحزر هو إنكار لنتائج الانتصار ضد الفاشية في الحرب العالمية الثانية والتملص من نتائجه» وهو ما يعيد نكئ جروح الماضي ويزيد الشحن الإعلامي من ارتفاع وتيرة المشاعر القومية والتعصب الوطني لدى شرائح واسعة من المواطنين في كلا البلدين.
وفي الواقع فإن الوضع الإقليمي متوتر بين الصين ومعظم جيرانها بسبب الجزر المتناثرة في بحر الصين الجنوبي وجنوب بحر اليابان وبالتالي فإن عدد كبير من الدول تتابع لعبة شد الحبال هذه بين الجبارين فقضايا النزاعات الحدودية والبحرية عديدة، ويأتي ذلك في الوقت الذي تسعى فيه واشنطن إلى زيادة تعزيز وجودها العسكري في المنطقة.
وقد أشار مصدر ديبلوماسي لـ«برس نت» إلى أن البند الخامس من معاهدة الدفاع المشترك بين اليابان والولايات المتحدة تشمل تدخل هذه الأخيرة في حال أي هجوم أو تهديد لأراضي اليابان وحسب الوثائق الموقعة بين طوكيو وواشنطن فإن حزر «سنكاكو» تدخل ضمن السيادة اليابانية.
بالطبع يمكن لأي أزمة بين الصين واليابان أن انعكس سلبياً على العلاقات التجارية بين البلدين إن تجارة اليابان مع الصين تشكل ١٤،٣ في المئة من مجمل تجارتها الخارجية أي حوالي الـ ٣٤٥ مليار دولار والصين الشريك الأول لليابان قبل الولايات المتحدة وأروبا.
إلا أن نقاط ضعف الصين كثيرة فهي حين تهدد بعقوبات «تعيد اليابان عشرين سنة إلى الوراء» ُرن
العملاق الاقتصادي الذي باتت الصين اليوم يتكلم لغة قبل عشرين سنة وهو خطاب عفا عنه الزمن نظراً لأننا في عصر العولمة والشمولية والعقوبات هي أولا وأخيرا سيف ذو حدين واقتصاد الصين رغم قوته فهو مرتبط بالاقتصاد العالمي وضعف أي من الاقتصاديات الكبرى أي أميركا وأوروبا واليابان ينعكس مباشرة على النمو الصيني وهو ما يظهر جلياً اليوم في ظل تراجع الاقتصاد الأوروبي.
وتصل مطالب الصين في بحار الجنوب حتى شواطئ أندونيسيا وبورني الغنية بالنفط بينما تطالب فيتنام أيضاً بحصتها في تلك الجزر المبعثرة كما هو حال الفيليبين.