
وقد نددت ست جمعيات حقوقية ونسائية تونسية الأربعاء بتوجيه القضاء التونسي تهمة “التجاهر عمدا بفعل فاحش” إلى الفتاة المغتصبة وسط العاصمة تونس.
وقالت الجمعيات وبينها الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الانسان والجمعية التونسية لمناهضة التعذيب، في بيان مشترك إن قاضي التحقيق استدعى الفتاة الاربعاء “لاجراء مقابلة بينها وبين ‘الشرطيين’ من ناحية، ولسماعها كمتهمة بجريمة التجاهر عمدا بفحش، من ناحية اخري”. وأضافت الجمعيات الست في بيانها إن القضاء استدعى الأربعاء أيضا “خطيب الفتاة لسماعه”.
واعتبرت أن توجيه تهمة التجاهر بعمل فاضح إلى الفتاة “يجعل من الضحية متهمة” بهدف “تحميلها مسؤولية الجريمة التي مورست ضدها (..) وترويعها واجبارها هي وخطيبها عن التنازل عن حقيهما في التقاضي وثني غيرهما من ضحايا هذه الممارسات عن التشكي”.
ويرى حقوقيون ان توجيه التهمة الى الفتاة من قبل القاضي هو من قبيل الضغط عليها لسحب شكوتها وذلك لان اعتماد القاضي على محضر الشرطة، والذي يعتمد على شهادة الشرطيين المشتكى بهما في واقعة الاغتصاب يعتبر باطلا لان شهادتهما مقدوح فيها. وطالبت الجمعيات بـ”إيقاف كل الضغوط المسلطة على الضحيتين والابتعاد عن كل أساليب التشفي والترهيب”. ودعت “جميع ناشطات وناشطي المجتمع المدني الذين يؤمنون بالحقوق الإنسانية للنساء وبمناهضة العنف ضدهن للتجند للوقوف والتضامن مع هذه المواطنة حتى ينصفها قضاء تونسي نريده مستقلا”.
وكان خالد طروش الناطق الرسمي باسم وزارة الداخلية التونسية أعلن في مؤتمر صحافي أن الشرطة ضبطت الفتاة مع صديقها في سيارة وهما في “وضع غير اخلاقي”.
وقالت الجمعيات “نعتبر تصريحات الناطق الرسمي باسم الداخلية تبريرا للعنف لا يمكن قبوله، وأن ما تتعرض له الضحية حاليا هو عنف مضاعف يضرب ابسط الحقوق الانسانية”. وتابعت “في هذه الظروف التي تمر بها البلاد، نتساءل عن جدية الحكومة في تنفيذ الخطة الوطنية للوقاية من العنف المسلط على النساء ومدى استيعاب هذه الخطة من طرف جميع المتدخلين من مؤسسات حكومية ومجتمع مدني”.
وتأتي هذه الخطوة لتدعم سيل الاتهامات الموجهة لحكومة النهضة بالفشل في اصلاح المنظومة الامنية التي لم تستفد من الثورة التونسية ولم تغير من حالها وممارساتها التي عرفت عنها في عهد الرئيس السابق زين العابدين بن علي.
ويقول مراقبون إن إقدام وزارة الداخلية التونسية على إيقاف الأعوان الثلاثة لن يعفيها من المسؤولية الأخلاقية للجريمة على اعتبار أنها فشلت فشلا ذريعا في تحقيق الإصلاحات في هذا الجهاز الأمني.
ويردد على نطاق واسع في الشارع التونسي، أن حكومة الترويكا بقيادة حزب حركة النهضة، فشلت إلى حد الساعة في إصلاح الجهاز الأمني في تونس مثلما وعدت بذلك.
ويعيب المواطنون في تونس على الجهاز الأمني تراخيه بشكل غريب عن أداء مهامه الرئيسية ويقولون إن “انسحابه” الظاهر من الشوارع،سمح لقطاع الطرق باستباحة مصالح المواطنين على نطاق واسع.
ويقول مراقبون إن حكومة الترويكا أقدمت على بعض القرارات التجميلية بعزل بعض “كبار” الضباط داخل وزارة الداخلية وأبقت على الأوضاع كما هي تقريبا منذ ما قبل 14 يناير/كانون الثاني. وذلك بحجة أن الإصلاحات العميقة لجهاز الأمن تشكل خطرا على السلم الاجتماعي.
وتتهم المعارضة التونسية وزير الداخلية علي العريض بالضعف الشديد في أداء مهامه وبخضوعه لإرادات قيادات أمنية كانت تحسب على نظام بن علي وهو ما يفسر السلبية الغريبة في رد الفعل إزاء مظاهر عديدة تخل بالأمن العام في تونس مثل نشاطات التطرف السلفي وكذلك مظاهر الانحراف والسرقات التي تكثفت في هذه الأيام بشكل حاد.