- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

الكوارث الجنسية عند العرب.. “فلسطين” مثالاً!

القدس- فادي أبو سعدى
كان قد دخل محلا لبيع “الأقمار اللاقطة” أو «الساتلايت»، وبدا مرتبكاً بشكل يثير الريبة، وأخذ يسأل عن تركيب “عين” أوروبي على اللاقط في منزله، لكن كثرة الأسئلة وفي كافة الاتجاهات جعلت صاحب المحل تائها ولم يعرف طلب الزبون، وإذ بهذا الشاب يميل على صاحب المحل ويسأله مباشرة “بصراحة بدي اتجوز، وما بعرف ولا اشي عن “السكس” وبدي اشوف هاي المحطات عشان أدبر حالي”… قالها بينما وجهه كاد ينفجر من الخجل والبكاء في آن واحد!
هذا هو حال الثقافة الجنسية في بلدنا، رغم وجود الكمبيوتر، والأقمار الاصطناعية اللاقطة في كل منزل، إلا أن ذلك لا يعني بالمطلق أن الثقافة الجنسية في بلدنا في أحسن أحوالها، بل أنها لا تزال بعيدة عن مختلف الفئات، من المدارس، والجامعات، وحتى من خلال العلاقة بين الأهل والأولاد في المنزل، ما يعقد الأمر أكثر.
“بووم” تابعت الموضوع، وزارت عدة صيدليات في عدد من المحافظات الفلسطينية، لأن مثل هذه المشاكل منتشرة في كل الضفة الغربية وقطاع غزة، وذلك للوقوف على ما يدور بداخلها والاستماع لبعض الروايات من الصيادلة وهي الفئة الأكثر احتكاكاً بالمواطنين وعلماً بالمشاكل الجنسية التي يعانون منها.
أحد الصيادلة حدث “بووم” عن حالة الخجل التي تسود المواطنين ممن يأتون لشراء أحد المنتجات الجنسية، وغالبيتهم يكذب بالقول أن “ابن عمه” على سبيل المثال من يعاني المشكلة وليس هو، رغم أننا ورثنا من أجدادنا المثل القائل “اللي بخجل بجيبش ولاد”.
“لا أحد يقول بأنه يعاني عجزاً جنسياً” يقول الصيدلي، كما لا توجد امرأة تتحدث علانية بأنها تعاني البرود الجنسي في العلاقة وبحاجة لمنشط ما، كي تعيد العلاقة الدافئة مع زوجها.
اللافت في الجيل الجديد من الشباب، وتحديداً ممن يستخدمون الانترنت ويشاهدون الأفلام الإباحية، هو اهتمامهم الكبير في تجربة كافة المنتجات الجنسية الموجودة في الأسواق، من الواقي، إلى المنشطات، و”الفياجرا”، وصولاً إلى علاجات “القذف السريع” والبحث عن تأخير ذلك طلباً للمتعة.
وأوضح صيدلي آخر لـ”بووم” بأن المشكلة الرئيسية تكمن في عدم التثقيف والوعي، وتحديداً في المناطق الريفية، أو لدى الشباب الذين يتم خطبتهم وتزويجهم خلال أيام قليلة، ما يحدث حالة من الإرباك الشديد لدى الشباب ويؤثر على نفسيتهم، وبالتالي يؤثر على العلاقة الجنسية بين الزوجين أولاً وعلى علاقاتهم عامة.
جميع الصيادلة أكدوا بأن مبيعات المنتجات الجنسية هي الأكثر على الإطلاق، أهمها “الفياجرا” التي باتت تستعمل لبعض حالات كبار السن كعلاج لتنشيط عضلة القلب، وهو الأمر الذي لم يعرفه الكثيرون نظراً لعدم قراءتهم للنشرة الطبية المرفقة بالدواء، وأحدث مشاكل كبيرة مع الصيادلة، وعائلات المرضى، بينما الدواء معطى لهم بوصفة طبيب.
في أحدث الروايات التي رواها الصيادلة لـ”بووم”، هي قدوم أحد “العرسان” الجدد إلى الصيدلية معترفاً بأنه لحد الآن لم ينجح بممارسة الجنس وزوجته، فتم إعطاؤه في المرة الأولى “فيتامين” ولم ينفع، بينما أعطي في المرة الثانية “كريم” منشط، ولم ينجح معه إلا حبة “فياجرا” في المرة الثالثة.
الصيدلي الذي روى لنا الحادثة أكد بأن علاقته بهذا الشاب جيدة والثقة متبادلة ما جعل الشاب يتحدث دون خجل، وعلل الصيدلي الحادثة بأنها مرتبطة بزواج الشاب السريع الذي تم خلال أسبوع من ابنة عمه، وكلاهما لا يعرف الكثير عن الجنس، بل كلاهما بالكاد يعرفان شيئاً.
خلال الأشهر الماضية، وصل إلى الصيدليات منتج جنسي جديد للرجال، وهو عبارة عن “قطرة” لمنع القذف السريع لديهم، ووزع على صيدليات بيت لحم لوحدها حوالي 3000 عبوة، نفذت جميعها، لأن غالبية الشباب أرادوا تجربتها، ولأن غالبيتهم يعاني من هذه المشكلة الجنسية المنتشرة بين الرجال.
كما أن “الواقي” و “حبوب منع الحمل” الأكثر مبيعاً ورواجاً بين جيل الشباب، الذي يريد ممارسة الجنس، ولكنه يريد تأجيل “الحمل” والحصول على أولاد بسبب الوضع الاقتصادي الصعب الذي تمر به فلسطين بشكل عام.
أحد الأطباء في المحافظة “فضل عدم الكشف عن اسمه حفاظاً على سرية المعلومات” كما تفرضه أخلاقيات المهنة، قال لـ”بووم” إن المشكلتين الأكثر شيوعاً هما “القذف السريع” لدى الرجال الناتج عن التهابات معينة، وتهيج سريع، وعدم القدرة على السيطرة.
فيما حدثنا عن المشكلة الثانية وهي “عدم الوصول للذروة” بالنسبة للنساء ذلك أن معظمهن لا يعرفن ما هي الذروة، معللاً بأن السبب الرئيس في ذلك هو الجهل جنسياً، وعدم التثقيف سواء في المنزل أو خارجه.
ليندا جرايسة مسؤولة العمل المجتمعي في مركز محور، والحاصلة على الماجستير في الأمومة والطفولة تحدثت لـ”بووم” عن تطورات الحياة والانترنت، الأمر الذي جعل الأطفال يبحثون عن المعلومات على طريقتهم، وغالباً ما تكون مغلوطة لأنها مجهولة المصدر.
جرايسة تحدثت كذلك عن النظام التعليمي في البلد، والذي يحوي ثلاثة عناصر، المعلم، والمنهاج، والطلاب، لكن ما يحدث غالباً هو تحميل الطالب مسؤولية أي فشل، وهو أمر خاطئ، كما أن النظام التعليمي تشوبه الكثير من المشاكل لأن من يدرس المواد التي تحوي التثقيف بالغ الأهمية لا يكون بالضرورة متخصصاً فيما يعلمه.
“العلاقة بين الأهل والأولاد مفقودة” تقول جرايسة مؤكدةً بأن الأهل بعيدون كل البعد عن أولادهم، حتى أنها تذكر في إحدى المدارس قيل لها من أحد الطلاب “أبي لا يسمعني، وكذلك أمي فمن يسمعني”.
كما تعزو جرايسة سبب الزواج المبكر الذي هو أحد أهم مشاكل المجتمع، وسببه هو الرغبة الجنسية التي تزداد بقوة لدى المراهق الذي لا يملك لا معلومات ولا تثقيف فيلجأ للزواج وهنا تبدأ المشاكل.
“الحل يجب أن يكون شاملاً” تقول ليندا جرايسة، يبدأ من المدارس بمناهجها منذ الطفولة، وبتوعية مجتمعية ودينية “للخاطبين” قبيل الزواج حول العلاقة الزوجية والمسؤولية وكل التفاصيل الضرورية لحياة سليمة، لأن معظم المتزوجين من صغار السن يلجأون إما للضرب أو للطلاق والانفصال عند وقوع أية مشكلة بينهما.
جرايسة أيضاً طالبت الإعلام بتحمل مسؤولياته وأن يكون له الدور الإيجابي في التوعية الجنسية من منطلق علمي وليس منقول من مصدر مجهول.
الحقيقة التي تبقى قائمة حالياً هي أن المشاكل الجنسية كبيرة، ومنتشرة بكثرة في مجتمعنا، بسبب كافة العوامل التي تحدثنا بها، وهناك مسؤولية شاملة على جميع فئات المجتمع للتخلص من هكذا مشاكل.