- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

رومني الجديد …

نجاة شرف الدين

إنتهت الجولة الأولى من ضمن الجولات الثلاث  المحددة والتي سيخوضها المرشحان للرئاسة الأميركية ، الجمهوري ميت رومني والديمقراطي باراك أوباما في مناظرات إعلامية تنقلها معظم وسائل الإعلام المرئية والمسموعة .
المناظرة الأولى والتي تابعها  أكثر من ستين مليون مشاهد ، فاجأت المحللين كما التوقعات التي سبقتها ، بشأن نتائجها ، فظهر أوباما مدافعا وغير مندفع مقارنة بحضور رومني المهاجم والحماسي  ، مما انعكس مباشرة في استطلاعات الرأي التي تبعت المناظرة ، تراجعا في شعبية أوباما لصالح رومني .
المناظرة التي خصصت لمناقشة الملف الاقتصادي والمالي، والتي تابعها الإعلام لحظة بلحظة ، ولا تزال مادة مهمة للنقاش الانتخابي ، توقف عندها المحللون ، الذين أجمعوا بمعظمهم على ضعف الأداء لأوباما مقابل تحسن ملحوظ في أداء رومني ، إلا أن ذلك لا يعكس المزاج العام ، لأن الديمقراطيين سيصوتون لصالح أوباما ، والجمهْوريين سيصوتون لصالح رومني ، بغض النظر عن نتيجة المناظرة ، لكن المترددين والمستقلين ، وهم الفئة التي يتنافس عليها المرشحان ، سيحددون خيارهم نتيجة ما يقنعهم في خطاب أي من المرشحين .
تساؤلات عديدة طرحت عن سبب ” غياب ” الحضور الأوبامي في المناظرة وذهبت التحليلات من الإنهاك في دوره كرئيس إلى عدم قيامه بمناظرة منذ أربع سنوات وصولا إلى رحلته إلى دنفر حيث مكان المناظرة وعدم تقديره فعليا لقدرة منافسه  ، إلا أن كل هذه الأسباب لم تقنع حتى من يؤيد المرشح الديمقراطي ، لإعطاءه أسباب تخفيفية ، وهم ينتظرون الجولة الثانية في السادس عشر من الشهر الحالي ، ليعيد أوباما الإعتبار لموقعه الإنتخابي خاصة بعد أن ضاق الفارق بينهما في النقاط.
في المقابل ، المفاجئة كانت في الحضور للمرشح الجمهوري ، الذي يبدو أنه كان فعلا بحاجة لهذه المناظرة التي وضعته على خارطة المرشحين الأقوياء في المناظرات ، وهو بدا كمن أعد درسه جيدا ، إلا أن المفاجئة المهمة بالنسبة الى المحللين ، هو تراجعه عن ما كان طرحه سابقا فيما يتعلق  بالضرائب على الأثرياء وتخفيض الضرائب عن الطبقات المتوسطة ، مما جعل العديد من المراقبين يطرحون السؤال ، هل هذا رومني نفسه ؟ رومني الذي قدم نفسه جمهوريا محافظا ، محاولا إستمالة حزبه لترشيحه ، بعد أن شغل منصب محافظ ولاية ماستشوستس ، ذات الأكثرية الديمقراطية ، فهل هو من النوع المتقلب بين الاعتدال والتشدد تبعا لما تفرضه الأجواء الإنتخابية ؟ وبالتالي هل يمكن أن نثق بأن هذا الخطاب الجديد المعتدل يمثل فعليا موقف رومني ؟ أم يمكن أن يتغير تبعا لظروف وأوضاع مختلفة ؟
الجولة الأولى من المعركة إنتهت بتسديد هدف لرومني في مرمى أوباما ، لكن التحضيرات قائمة كل من جانبه تحضيرا للجولة الثانية ، وقد جاء تقرير وزارة العمل الذي يحدد نسبة البطالة ونمو الوظائف ، ليعطي دفعا جديدا لأوباما ، بسبب إنخفاضه من نسبة 8.1%  الى نسبة 7.8 %  وهو ما ذهب بعض الجمهوريين لإعتباره بأنه جاء لينقذ أوباما نتيجة خسارته في المناظرة ، لكن هدف أوباما دخل في مرمى رومني عبر الاستطلاعات التي عادت لتحسن من نقاط أوباما .
وجاء خطاب رومني الجديد أيضاً في السياسة الخارجية ، في المعهد العسكري  في فرجينيا ، في محاولة لتسديد ضربة جديدة في مرمى أوباما ، إلا ان خطابه الذي إتسم بمحاولة إستعادة دور أميركي هجومي ، والقول ان إستراتيجية الأمل لا تصنع سياسة متهما أوباما بممارسة استراتيجية فاشلة ، لم يقدم جديدا سوى دعوة الى تسليح الثوار في سوريا عبر الحلفاء وإقامة دولة فلسطينية جنبا الى جنب مع إسرائيل ، وإستعادة للهجة القوة ” البوشية ” عبر الدعوة لدور أميركي على الأرض وهو ما يرفضه الأميركيون في معظم استطلاعات الرأي ، وبالتالي فالهدف لم يدخل مرمى أوباما.

إذا هي معركة إعلامية يومية ، خسر فيها أوباما الجولة الأولى ، لكن رومني لم يربح المعركة بعد ، وفي الإنتظار ، تعادل في الأهداف بانتظار المناظرة الجديدة ، وما ستحمله خاصة في أداء رومني الجديد ( the new Romney ) وعودة أوباما القديم …