- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

ضربتان في الرئيس تُوجع!

زكريا الكمالي
ما سرقه علي عبد الله صالح من الشعب اليمني طيلة عقود، أعاده إلينا نوبل في ساعات: الفرح.
نحن شعب الله المسروق بكل المقاييس. الفرحة مسروقة. السلطة، العدالة، المواطنة، الحرية، التنمية، الابتسامة، كل شيء مسروق، والسارق لم تُقطع يده، بل يخفيها بقفازات.
هذا الشعب يستحق الفرح. إذا كنا  لن نبتهج بفوز أحد الأصوات الشجاعة بجائزة عالمية كنوبل، فمتى يجب أن نفرح؟ عندما نسمع خطابات الأخ الرئيس مثلاً، وهو يبكي، مثل “جوليا بطرس” على نائبه الذي قطعوا عليه الكهرباء؟
إذا كان اليمني “يموووت من الفرح” عندما يشاهد مشروع المياه، وقد حضر إلى حنفية الحمام، بعد رحلة غياب طويلة، فلماذا يستكثرون علينا أن نفرح بجائزة لا يُعلى عليها، تحلم بها الدول الأثرى في العالم، ولن تأتينا كل شهر.
حين يكون لدينا رئيس، عاش طيلة حكمه “يغشش” العالم، أن شعبه قنابل موقوتة، وإرهابيون، وثعابين، فيما فتاة شجاعة لم يصل عمرها بعد الى المدة التي قضاها رئيسها في الحكم، تسافر باليمن الى “أوسلو”، وتُحضر  “نوبل” إلى ساحة التغيير، معلنة محو الصورة البشعة لهذا البلد، ألا يجب أن نفرح؟
سنفرح لتوكل، وسنفرح بها، لأنها جعلت اسم اليمن يتردد على كل لسان، كصانع سلام، لا مصنّع موت.
وسنفرح، لأن رسالتنا الى العالم وصلت، والثورة الشبابية السلمية حلقت فوق كل السماوات، حاملة اسم اليمن الجديد.
وسنفرح، لأن ثورتنا السلمية “ولادة” بالوجوه الاستثنائية التي تُدهش العالم، وتُشل ألسنة الكاذبين.
“ضربتان في الرئيس تُوجع”. هكذا كان يوم الجمعة عند صالح وأنصاره. لم يفيقوا من ضربة جمعة “الشهيد الحمدي”، الرئيس الرمز الذي تحمل الثورة صوره منذ أيامها الأولى، حتى أكملها “نوبل”. كانت الصدمة واضحة، والمصاب جلل. في البداية قالوا إن الجائزة “ثمن المتاجرة بدماء الشهداء”، ثم فكروا بسرقة الانجاز الذي تحقق. كابروا، وأصدروا بيانا مضحكا، يقول ان ما تحقق يعود بفضل رعاية الأخ الرئيس، الذي انفجر في اليوم التالي ك ـ”قنبلة موقوته”، وخرج عن طوره، يشتم، ويدعو العالم لمشاهدة “الإرهاب” في الجامعة.. هذا اليوم بالذات كنت معذورا يا افندم!
أوباما، والاتحاد الأوروبي، والجامعة العربية، وإنجيلا ميركل، باركوا الانجاز الذي حققته “الناشطة”  توكل كرمان، وجاء المؤتمر الشعبي ل ـ”يُرحّب”، بفوز “الصحافية” توكل كرمان، وكأنها عضو اللجنة الدائمة في حزبهم.
أراد الحزب الحاكم أن يلبس رداء الكبار، لكنه ظل صغيرا كعادته. سُيرحّب كما يشاء هو، والا فإن توكل “مُتاجرة بدماء الشهداء”، متناسياً من قتل أولئك الشهداء، الذين تحولوا للدفاع عنهم؟
اذا كانوا لا يريدون إلا “الترحيب”، فلترحب وزارة حقوق الإنسان، كجهة رسمية. لماذا يحشر المؤتمر نفسه في جائزة ممنوحة لناشطة لا تنتمي اليه، أو حتى لـ”صحافية” كما يحاولون التقليل من حجمها، في أسلوب طفولي يثير الشفقة.
الانجاز الذي حصدته توكل كرمان كان مكافأة معنوية مستحقة، لثائرة تعرضت للتنكيل والتشهير والقذف منذ 9 أشهر من قبل أجهزة النظام القذرة التي لم تترك سيئة إلا ووصفتها بها.
جاء هدية سماوية، مؤقتة بدقة، لشعب عظيم، يتعرض منذ أشهر لقمع وحشي، ويكافأ بالقذائف والرصاص الحارق. تهتز منازل المواطنين طيلة ساعات الليل، ولا ينامون جراء قصف جبان، ومع ذلك، تكون ساحات الثورة هي وجهتهم الأولى في صباح اليوم التالي. هدية لنا جميعاً، فالعالم تذكّر بلدا فقيرا اسمه اليمن.
الشعب الذي يُحاصر بكل الخدمات الأساسية، ويتم ترويع أطفاله ونسائه بكل أنواع الأسلحة الثقيلة من أجل تركيعه وطلب  السماح، فيرفض،  جدير بـ”نوبل”، ويستحق حياة كريمة، وحاكما عادلا، لا طاغية.
ملايين التبريكات لتوكل كرمان على الجائزة الأثمن في الأرض. فوزك أسعدنا أيتها “الصحافية القديرة”.  وتمنياتنا لـ”الثائر” علي عبد الله صالح، بنيل جائزة “أوكامبو”، هذا العام، مناصفة مع “الأسد” و”الثعبان”!!