اطلعت صحيفة “فاينانشيال تايمز” على وثائق تجارية تكشف أن حكومة نوري المالكي في بغداد وافقت في حزيران/يونيو على ارسال 720 الف طن من الوقود الى سوريا في شحنات شهرية بموجب عقد مدته سنة قابلة للتجديد، في صفقة أثارت قلق واشنطن وتكشف المصاعب التي تواجه النظام السوري في منع الاقتصاد من الانهيار تحت وطأة الحرب الأهلية المستعرة والعقوبات الاقتصادية.
وارسلت وزارة النفط العراقية في شهري حزيران/ يونيو وتموز/ يوليو شحنتين من زيت الوقود الذي يُستخدم لتوليد الطاقة الكهربائية بقيمة اجمالية قدرها 14 مليون دولار، الى نظام الرئيس بشار الأسد، كما تبين الوثائق.
وفي حين ان كميات الوقود التي تُشحن ما زالت صغيرة نسبياً، فان الصفقة تسلط الضوء على محاولات النظام السوري المستميتة للتخفيف من ازمة المحروقات في وقت تتسع فيه رقعة الحرب. كما تؤكد الصفقة الدور النشيط الذي يقوم به العراق في المنطقة.
ويأتي كشف هذه الشحنات بعد شهر على شكوى مسؤولين اميركيين من أن بغداد تسمح للطائرات الايرانية بنقل السلاح عبر الأجواء العراقية الى سوريا. وقال مسؤول في وزارة الخارجية الاميركية ان شحنات الوقود لا تشكل انتهاكا للعقوبات الاميركية والاوروبية ولكنه اشار الى استغرابه من دور العراق في دعم النظام السوري.
ونقلت صحيبفة “فايننشيال تايمز” عن المسؤول في وزارة الخارجية الاميركية ان الولايات المتحدة تشجع البلدان التي تتعامل تجاريا مع سوريا على ان تكون منفتحة بشأن مبادلاتها القانونية غير المشمولة بالعقوبات داعيا العراق الى الالتزام بهذه القاعدة. وتؤكد الصفقة ان النظام السوري في أمس الحاجة الى الوقود وانه يستنزف ما لديه من احتياطات النقد الأجنبي لاستيراده، كما اضاف المسؤول الاميركي.
وتبين الوثائق ان شركة تسويق النفط السورية “سيترول” التي تتولى استيراد الوقود وافقت على الدفع نقدا الى حساب في البنك التجاري العراقي قبل كل شحنة أو تقديم رسالة اعتماد غير قابلة للنقض.
ومنح العراق خصما لسوريا بنسبة 50 في المئة دون سعر السوق وخصما بنسبة 5 في المئة عن كل طن متري، بحسب العقد المبرم. ودفعت سوريا 505.909 دولار عن كل طن من الوقود بالمقارنة مع سعر السوق البالغ 800 دولار للطن.
وبحسب الوثائق، فان علاء خضر كاظم، احد الموقعين على العقد عن شركة تسويق النفط العراقي “سومو”، هو عضو في مجلس ادارة البنك التجاري العراقي ايضا. وفي حين نفى وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري علمه بمثل هذه الصفقة، امتنع المسؤولون السوريون ايضا عن التعليق.
وينص العقد المكتوب بالعربية على الورق الرسمي لوزارة النفط العرقية بتاريخ 28 حزيران/ يونيو على تحميل زيت الوقود في شاحنات تنقله من شركة مصافي الشمال العراقية عبر الحدود الغربية مع سوريا.
وكان الاتحاد الاوروبي والولايات المتحدة فرضا منذ 2011 عقوبات ضد شركة سيترول السورية تحظر على اي شركات اوروبية أو اميركية استيراد النفط السوري ومشتقاته أو شراءه أو نقله. وفرضت الولايات المتحدة عقوبات اضافية على سيترول في تموز/يوليو هذا العام لتزويدها ايران بالبنزين.