بيروت – بسّام الطيارة
تعيش العاصمة اللبنانية ربيعاً مناخياً لم يتعود عليه «البيارتة». جديدهم مثل قديمهم. شمس الصيف لا تريد مفارقة سماء بيروت وترسل أشعتها على ناطحات السحاب الزجاجية التي باتت تميز المدينة وتغطي وجهها البحري. ورغم «كبسات مطر صباحية» فالحرارة مرتفعة، ورغم ابتسامة المشاة والمتسكعين في المقاهي أو الغائصين في الـ«سمارت فون»، فإن القلق يحوم فوق رؤوس الجميع.
القلق اللبناني لم يفارق بلاد الأرز منذ أكثر من ثلاثة عقود. جيل كامل ضاع في أتون حرب وآخر ترعرع وسطه وجيل ثالث شب في ظله، ومع ذلك فإن قلق اليوم يبدو أكثر وضوحاً وقساوة على وجه اللبنانيين كبارهم مثل شبابهم.
أحاديث المقاهي والجلسات تدور حول نقطتين تبدوان بعيدتين عن بعضهما البعض ولكنهما مترابطتان عضوياً بشكل وثيق: سوريا والانتخابات المقبلة.
الحالة السورية والحرب الدائرة في بلاد الشام تطال الداخل اللبناني بقوة، فهو منقسم إلى شطرين مع وضد النظام، وهو ما ليس خافياً على أحد. هذا الـ«مع» كما هذا الـ«ضد» يرى الانتخابات اللبنانية من بوابة الانقسام على الحالة السورية، وهو ما يكبّر ويضخّم الحديث عن تدخل حزب الله مباشرة في الصراع داخل سوريا، ويسقطه العديدون على الانتخابات المقبلة.
سياسي لبناني كبير يقول: «حزب الله متضايق جداً من الوضع السوري»، ويرى أنه محشور في زاوية تجعله «يسعى عملياً للسيطرة وإمساك كافة مفاصل الدولة». ويفسر بأنه «ممسك اليوم بالجيش والأمن العام». ويستطرد بأنه «غير قادر على الإمساك بفرع المعلومات ولا الأمن الداخلي». يتوقف قليلاً عن الحديث ويتابع «في الواقع يمكن القول إنه يريد زيادة تأثيره على الرئاسة وقيادة الجيش». ينتظر قليلاً قبل أن يضيف «بمعاونة الجنرال عون».
ويتابع السياسي الكبير وصولاً إلى مسألة الانتخابات، ويقول إن «الحزب (حزب الله) يعمل ويجهد لربح الانتخابات النيابية أكان ذلك بواسطة النسبية أم بواسطة قانون الستين المعدل». يتريث قليلاً قبل أن يزيد «ولكنه يفضل قانون النسبية لأن ذلك يؤمن له عدد نواب أكثر».
نسأل: «وماذا يمكن أن يفعل بانتصاره؟»، يجيب بعد لحظات تفكير «يأتي باللواء جان قهوجي رئيساً للجمهورية ويرضي عون بعميد الركن شامل روكز كقائد للجيش».
نسأل: «وماذا يفعل تيار المستقبل أو قوى ١٤ آذار لمواجهة هذا السيناريو؟… إن صح أن للحزب هذا المسار وهذه الأهداف؟». يتنهد السياسي الكبير وينظر إلى السقف، ويقول بصوت خافت وكأنه يحدث نفسه «المشكلة أن بعض قوى المعارضة الحالية ما زالت مصرة على ترشيح جعجع للرئاسة». يفكر قليلاً ويتابع «وهذا يشكل مشكلة كبيرة». نسأل «لمن؟» يجيب «جعجع يسبب مشكلة لقوى وسطية، على المعارضة استمالتها في مثل هذه المعارك الانتخابية». يعاود السياسي النظر إلى السقف وينهي بالقول «لربما هذه مناورة للمفاوضة على مركز قائد الجيش المقبل».
(غدا الأزمة السورية بعيون بيروت)