- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

حزب الله في سوريا: وجود لغايات محدودة

بيروت ــ بسّام الطيارة
الشغل الشاغل للبنانيين اليوم هو «إثبات أو إنكار» مشاركة حزب الله في الحرب في سوريا. وكالعادة لم تمنع «شتوة تشرين» اللبنانيين من الاختلاف. الغائصون في هذا الجدل التحليلي الإخباري السياسي لا يمثلون «كل لبنان». نشاهد في لبنان شابات وشباب «يلهون» بأمور أخرى أكثر بساطة. يتحادثون حول كوب شراب في المقاهي، يتحدثون على هواتفهم النقالة، وبالطبع نظرات الشباب تلاحق جمال الفتيات، واللبنانيات لا ينقصهن أي معيار دلع. في لبنان خارج إطار التحليل السياسي توجد حياة طبيعية، والقلق السائد لا يشتت انتباه الأجيال الشابة عن مسارها.
رغم هذا فإن مسألة مشاركة قوات من حزب الله في المعارك السوريّة تأخذ حيزاً من أحاديث المقاهي والجلسات. مقرب جداً من الحزب يقول: «للحزب رجال في سوريا، لا ضرورة للتكتم». يصمت قليلاً قبل أن يضيف «ولكنهم لا يقاتلون». نسأل: «ومراسم الدفن المتلاحقة؟». لا يتردد في الإجابة: «هؤلاء قتلوا في سوريا»، وبسرعة يستطرد «ولكن لكل واحد قصة مختلفة». نستفسر: «ولكن الجيش السوري الحر يقول إنهم قتلوا في معارك»… يقاطعنا ليشرح «نعم في معارك». ويسارع بتكملة التوضيح «لا يخفي على أحد أن للحزب في سوريا مخازن أسلحة». ويتابع بأن الحزب يحمي هذه الأسلحة ومصانع الذخيرة.
ويتابع المقرب من الحزب الشرح، فيقول «إن ارتفاع عدد الشهداء في الفترة الأخيرة يعود إلى أن الجيش السوري الحر يريد إثبات وجود مقاتلين من حزب الله في سوريا، لذا ومع تراخي السلطة الأمنية وانتشار الفوضى، سعى ويسعى الجيش الحر للاستيلاء على هذه المخازن وقد وقعت المعارك في محيط هذه المستودعات». نسأل: «أين مثلاً في أي منطقة». يبتسم ويقول «لا أستطيع»، قبل أن يستدرك مبتسماً «لا أعرف في الواقع …».
ويشرح المقرّب أماكن تواجد أخرى لمقاتلي الحزب، وقال «توجد قرى شيعية على جانبي الحدود، وبالطبع بسبب الواقع السياسي وموقف حزب الله الداعم للنظام السوري لأسباب لا مجال لشرحها الآن، يهاجم الجيش السوري الحر وبعض الكتائب الجهادية، مثل كتيبة الفاروق، هذه القرى لأنها سكانها شيعة، فيهب بعض الشباب للدفاع عنها».
مقرب من تيار المستقبل يضحك عندما يسمع هذه القصة. ولكنه يعود ليقول بجدية «لنفترض أن هذه هي الحقيقة. ذلك يعني وبشكل لا يقبل التأويل أن الحزب يشارك في معركة سوريا». نسأل: «هل لديك معلومات محددة ..مناطق تواريخ…»، يقاطعنا «إيران وحزب الله يشاركان في المعارك على كل الجبهات». يتردد قليلاً قبل أن يقول «معلوماتنا تتحدث عن ١٥٠٠ مقاتل من حزب الله». نقاطعه ونحدد: هذا ما كتبته الصحافة الغربية، فيقفل الحديث بالقول «هذا صحيح»، ويستطرد بسرعة «يجب أن لا ننسى أن حزب الله مشارك في الحكومة التي قررت النأي بلبنان عن حرب سوريا».
مسؤول أحد الأحزاب الكبيرة في البلاد يهز رأسه مراراً قبل الدخول في الموضوع، قائلاً «ليس سراً أن لحزب الله مراكز في سوريا. فالحزب محاصر جنوباً من إسرائيل وغرباً في البحر من قبل اليونيفيل البحري والسفن الغربية، وفي الشمال باتت منطقة عكار مقفلة تقريباً بالنسبة له». يركز قليلاً قبل أن ينظر ويشير إلى الشرق ويقول «لم يبق أمامهم سوى الشرق… سوريا». قبل طرح السؤال يضيف «إن حزب الله محشور بشكل لا مثيل له سابقاً، فحليفه الأقوى – إيران – تحت ضغوط هائلة اقتصادية وعسكرية – بينما حليفه الأقرب سوريا تغوص في حرب أهلية رهيبة …». يتابع مسرعاً «ماذا تريده أن يفعل؟ أن ينتظر الحصار الكامل لمنافذه؟». يعم الصمت إلا أن لدى المسؤول بعض «الكلام اللبناني»، ولكنه يكتفي بالقول «لو حلّ الحزب مسألة السلاح في الداخل لكانت مشاركة عناصر من طائفة معينة في القتال السوري مسألة فردية… تماماً كما يشارك جهاديون من دول متعدد مع الثوار». يقفل الحديث بالقول: «مسألة السلاح في الداخل هي مسألة لبنانية وهي التي تحرك هذه الموجة اليوم».
تبدو أقوال الجميع صحيحة. تبدو تربريرات الجميع منطقية. شتوة تشرين لم تغط على التناقضات. يجلس حول الطاولات المنتشرة في المقاهي جميع هؤلاء حاملين جميع هذه التناقضات يتحدثون بصوت عال، كل «يغني تحليله على مواله» ولكنهم يبتسمون لبعضهم البعض. إنه لبنان وهي بيروت.