- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

كهرباء غزة… أزمة لا تنتهي

غزة ــ سناء كمال
تمضي الأيام، ويقترب شتاء العام الخامس على التوالي، وأزمة الكهرباء في قطاع غزة لم تنته بعد، وفاتورتها الشهرية في تزايد مستمر لتتعدى الـ50$ شهرياً، في الوقت الذي تعاني فيه غالبية السكان من البطالة والفقر، نتيجة الحصار الإسرائيلي.
وينظم الغزيون برامجهم اليومية وفق “التوقيت الكهربائي”، في محاولة منهم للتأقلم مع الأزمة المتفاقمة يوما بعد يوم، حيث يتم ترتيب الأولويات حسب الكهرباء، التي “تقطع بشكل دوري” يوميا، مع أخذ يوم راحة تتوفر طوال النهار والليل، تتخلها فترات بسيطة من الانقطاع، لتفسد عليهم فرحتهم.
ويقول أحمد صالح (25 عاما)، أحد موظفي، السلطة: “في اليوم الذي يكون انقطاع التيار الكهربائي صباحا، أفضل أن أبقى نائما بسريري، لأتمكن من السهر معها بالليل، وأتمكن من مشاهدة التلفاز أو التحدث مع أصدقائي عبر المسنجر أو الفيس بوك، أما اليوم الذي تكون منقطعة مساء، أتواعد مع رفاقي للخروج، وتمضية الوقت، والثالث يسير بشكل طبيعي حسب الأولويات”.
ولا يختلف حال ربات البيوت عن أحمد سوى أنهن ينظمن أعمالهن المنزلية حسب التوقيت ذاته، فتقول حنين الحلبي، وهي مدرّسة للمرحلة الثانوية: “أتقيد دوما بأعمالي المنزلية في اليوم الذي تتوفر فيه الكهرباء مساء، لأنني بالصباح أكون بالمدرسة، ولا أستطيع أن أنجزها، مما يزيد الحمل علي، لأنني أؤديها بشكل مضاعف”. أما ربة المنزل أم محمد المشهراوي، فتجد متسعا من الوقت عن حنين: “عندما تكون الكهرباء متوفرة بالصباح، أغسل وأعجن، إضافة إلى الطبيخ، أما الملابس التي تحتاج إلى كي، أجمعها لليوم الذي تتوفر الكهرباء فيه بالمساء، لأنني أحب أن أكويها وأنا أشاهد التلفاز، واليوم الثالث يسير حسب الظروف”.
ورغم ذلك لم يشفع الانقطاع المستمر للتيار الكهربائي للمواطنين، في تقليل قيمة الفاتورة الشهرية، ويلاحظ أنه في كل شهر تتزايد عما قبلها بالشهر الفائت، مما يدعو المواطنين إلى التذمر والتشكيك بها، خصوصاً حين تزيد عن الخمسين دولار شهرياً.
في صباح اليوم الخامس من كل شهر، على الأكثر، ينتشر موظفو الجباية في الشوارع، مطالبين المواطنين بدفع الفواتير المستحقة. ومن لا يستطيع الدفع، يعمد أحد عاملي الشركة الى قطع السلك من العمود الرئيسي، إلى حين الدفع.
ويتساءل أبو محمد العكلوك، أحد سكان حي الشجاعية بغزة، عن سبب فرض الجباية الإجبارية على المواطنين “الغلابى”، في الوقت الذي يتمتع مسؤول يقطن في حيهم بالكهرباء طوال اليوم وعلى مدار الشهر، مشككا بدفعه للفاتورة كغيره من المواطنين.
ويسير المارة في شوارع غزة، وسط أصوات المولدات الكهربائية “المزعجة” التي تتصاعد منها سحب سوداء، في الوقت الذي تضطر فيه أم محمد الظاظا للتسوق مرتين في اليوم في شارع عمر المختار، لتجهيز ابنتها العروس، لأنها تعاني من أزمة صدرية ولا تستطيع تحمل رائحة الغازات.
مؤسسات حقوقية حاولت جمع المسؤولين بشركة توليد الكهرباء مع المواطنين ضمن ورشات عمل لإيصال صوتهم للمسؤولين، وإيجاد حلول مناسبة للحد من الأزمة. غير أن المسؤولين يحمّلون السلطة الفلسطينية برام الله مسؤولية الأزمة، داعين المواطنين إلى الضغط عليها من أجل دفع الضرائب المستحقة على الشركة لتوفير الوقود الصناعي اللازم لتشغيلها بشكل مستمر. وكانت الحكومتان توصلتا إلى اتفاق يتم خلاله اقتطاع 170 شيكل من رواتب موظفيهم، غير أن ذلك لم يفلح أيضا بإنهاء معاناة المواطنين.
وبدأت أزمة الكهرباء بغزة بعد استهداف طائرات الاحتلال الإسرائيلية الشركة المولدة لها، وسط القطاع، مما أدى إلى تعطيلها بالكامل، وولد عجزاً عن توفير التيار الكهربائي لأكثر من 60% من أهالي القطاع.