تنتمي مسرحية SIT DOWN COMEDY2 التي بدأ عرضها على خشبة مسرح بابل في بيروت الأسبوع الماضي، إلى نوع التراجيديا الضاحكة أو الكوميديا السوداء، التي تطابق مضمون المثل العربي “شر البلية ما يُضحك”.
بهذا الانطباع يخرج المشاهد لهذا العمل الذي ألفه وقدمه كل من سعيد وجمال ملاعب، وأخرجه نجاد الأسعد، في حين اشرف على اعماله الموسيقية عماد بلاني.
العمل بمجمله محاولة تجريبية متواضعة، إن من حيث المشاركة التمثيلية أو لجهة السينوغرافيا، لكنه في الوقت نفسه محاولة للبوح على الطريقة اللبنانية، فهو عمل ملتزم كما يصفه دليل المسرحية. التزام ينبع من رؤيته النقدية للوضع الاجتماعي المعيشي الُمضحك \ المُبكي، متناولاً قضايا عديدة باسلوب ساخر وشاعري.
يدخل الأخوان ملاعب ومن شاركهما في الآداء الى صميم هواجس اللبناني اليومية ومشكلاته مع الدين والطائفية والأخلاق والدولة والخدمات الاجتماعية والعدالة الاجتماعية والوضع الأمني وقضايا على صلة بواقع لبنان مثل القضية الفلسطينية.
بيد أن تعدد المواضيع وتقديمها بشكل متناثر جعل العمل فاقداً للسياق، بل أصبح عبارة عن لوحات مُنفصلة، تخللتها فراغات زمنية كان يمكن تعبئتها بوصلات موسيقية او بحركات جسدية اضافية، سيما أن الممثلين على الخشبة كان آداؤهم رائعاً وتميزوا بخفة وإسلوب جذاب، لكن لم يحافظوا على هذه الإنسيابية بشكل دائم.
لربما كان افضل لو تم توظيف جميع المشاركين في المسرحية بشكل أكثر كثافة بدلاً من حصر الآداء بشخصين أو ثلاثة، عنيت أن ثمة طاقات موسيقية وجسدية ظلت مغيبة، وكان هذا التغييب لحساب الصوت والشعر بنوعيه الحديث والعامي على طريقة الشعر النبطي الناقد والذي تميز في تأليفه والقائه سعيد ملاعب.
واضح من دليل المسرحية أن سعيد وجمال هما من خارج الجسم الفني بالمعنى المهني، لكنهما تمكنا من ايصال رسالتهما الى المشاهد بطريقة فنية لافتة، لكن المشكلة كانت في احتكار التقديم بهما الى جانب شاب ثالث. اللافت انه لم يتم تسليط الضوء على الآخرين والتعريف بهم، حتى في الدليل، رغم ان بينهم عازفين رائعين منحوا العمل نداوة وأخرجوه في احيان كثيراً من الرتابة.
اما الحديث عن مسرحية غنائية فلا أظنه توصيفاً دقيقاً، إذ ان العمل تميز بلوحات منها شعرية ومنها راقصة ومنها سردية حكائية. وبرع الممثلون الثلاثة في تقديم لوحات جميلة من الرقص الأميركي التقليدي.
وفي أي حال العمل بمجمله تجربة جيدة ومحاولة للصراخ وسط هذا الصمت المُطبق الذي يعيشه اللبنانيون، حيث تقوم المافيات بمصادرة كل ما يمكن ان يؤدي الى تحقيق عدالة اجتماعية وحرية ومواطنة حقيقية بعيدة عن التقسيم الطائفي البغيض. لذلك هي تراجيديا ضاحكة بلغتها الساخرة لكنها من الداخل مجبولة بالأسى والحزن.
