دفعت السلطات في مدينة بجنوب الهند مبلغ مائة دولار في الإجمال لكل من امرأتين منذ بدء عملهما منظفتين للمراحيض العامة قبل 41 سنة بأكملها، بدون راحة ليوم واحد طيلة هذه العقود.
ففي الهند وحدها ولـ41 سنة متصلة، وبدون راحة- أو حتى إجازة مَرَضيّة- ظلت أكو وليلى تكدحان في تنظيف المراحيض العامة في اودابي بجنوب الهند، بأجر وصل الى 100 دولار لكل منهما عن كل تلك السنين.
ذلك أن متوسط أجر كل من هاتين المرأتين في السنة يبلغ 180 روبية (3.2 دولار). وتكتمل الصورة إذا علمنا أنهما ظلتا تعملان بدون أجر على الإطلاق لفترة السنوات الـ11 الماضية بعد خلاف مع مشغلهما، لم تفلح حتى المحكمة العليا في حسمه لصالحهما.
تبدأ القصة في العام 1971 عندما انخرطت المرأتان، وكلاهما في سن 18 عاما، في صفوف عمال تنظيف المراحيض بمعهد تدريب المعلمات في المدينة الجنوبية. وكانتا تتلقيان 15 روبية (28 سنتا) في الشهر. لكنهما لم تحصلا على أي زيادة في هذا الأجر مطلقا، وذلك رغم انهما ظلتا تعملان سبعة أيام في الاسبوع ولم تتغيبا عن العمل يوما واحدا منذ ذلك الوقت. وليس هذا وحسب بل أن هذا الأجر نفسه توقف في 2001 بعد خلاف حاد مع إدارة معهد المعلمات.
ووفقا للصحافة الهندية التي أوردت النبأ، فإن أكو وليلى لا تشعران بالغضب أو السخط إزاء هذا الأمر الغريب، وإنما تحاولان الآن الحصول على اعتراف رسمي (في «موسوعة غينيس للأرقام القياسية») بأنهما صاحبتا الأجر الأدنى في العالم قاطبة.
وتقول أكو: «نحن نفخر بعملنا هذا. وقد ظل المخدمون، سنة تلو الأخرى، يبشّروننا بزيادة آتية في الأجر، لكنها لم تأت مطلقا. وكان كل ما باستطاعتنا هو الثقة فيهم والانتظار… والمزيد منه. نحن ايضا لا نصدّق أننا ظللنا نعمل كل هذه السنوات والعقود بنفس الأجر الذي وظّفونا به في 1971، ولكن ما باليد حيلة… ماذا نفعل»؟
وفي 2001 بلغ السيل الزبى بأكو وليلى أخيرا. فتقدمتا بالشكوى الى المحكمة الإدارية المهنية في اودابي. فما كان من هذه المحكمة الا أن أوقفت الروبيات القليلة أصلا، وبدون أي تعويضات عن السنوات السابقة. على أن هذا كله لم يثن المرأتين عن التوجه الى العمل لتنظيف 21 مرحاضا ثلاث مرات في اليوم، كل يوم، سبعة أيام في الأسبوع. وهذا هو الوضع الآن، أي أنهما ظلتا تؤديان كل هذا العمل بلا أجر لفترة السنوات الإحدى عشرة الماضية.
وكان هذا بالرغم من أن محكمة استئناف بمدينة كماتاكا، جنوب الهند، أصدرت أمرا للسلطات في 2003 بمعاودة دفع أجريهما. وحتى بعدما نجحت أكو وليلى، بمعاونة «لجنة حماية حقوق الإنسان» بأودابي، في إيصال القضية الى المحكمة الهندية العليا التي قضت بالشيء نفسه، يظل الوضع القديم على حاله إذ ان المرأتين تعملان الى هذه اللحظة بدون أجر.
وتقول ليلى إنهما تحصلان على دعم الصحافة المحلية وجماعات حقوق الإنسان وتعيشان على الصلاة والأمل في استرداد حقوقهما المالية يوما ما. وفي غضون هذا فقد تقدمت المرأتان بطلب الى «موسوعة غينيس للأرقام القياسية» يتمنيان خلاله الاعتراف بكونهما صاحبتي الأجر الأدنى في تاريخ العالم الحديث.
