- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

رئيس “الصدفة” أو “القُرعة”

فادي أبو سعدى

رغم أننا ندّعي الديمقراطية لمجرد أن الانتخابات تجري في بلادنا (الضفة الغربية)، إلا أننا بعيدون كل البعد عن الديمقراطية الحقيقية، والسبب الرئيس في ذلك، أن ممارسة الديمقراطية ثقافة، لا بل أسلوب حياة، وهذا الأمر ليس في ثقافتنا، ولا في ممارسات حياتنا اليومية، وبالتالي فإن مخرجات هذه الديمقراطية قد تريك العجب، والصيام في رجب، لأنها ليست مبنية على أساس متين.

يحدث في بلدنا أن تصل رئاسة البلدية إلى “القُرعة” للفصل في عدم اتفاق الأطراف التي فازت في الانتخابات، لكنها لم تستطع حسم فوزها لتشكيل المجلس البلدي، حيث أن القُرعة تعطيك ما نسبته 50% من الحظ لتحصل على “الكرسي” لأربع سنوات قادمة، هذا إن جرت الانتخابات في موعدها فعلاً.

كما يحدث في بلدنا أن تُخرج الانتخابات المحلية رئيس “الصدفة” وهذا يحدث بسقوط مرشح جهة ما، وعدم حسم الجهة الأخرى، ليتم التوجه للطرف الثاني للخروج من الأزمة، وهو الأمر الذي لم يحسب لا من قبل الطرفين، ولا حتى من قبل من يتم الحديث عن اختيارهم كرؤساء للبلدية بالتناوب.

ولمزيد من سياسة الاستخفاف بالعقول، يحدث في بلدنا أن تسمع اقتراحاً باستقالة كافة الاشخاص الذين نجحوا للمجلس البلدي، والذهاب لتشكيل مجلس بلدي بالتوافق، إرضاءً لهذا أو لذاك، وهو ما من شأنه أن يُشعر الناخب وبعد كل ما فعله، بأنه لا شيء، أو دون قيمة. فهم يفعلون ما يشاؤون وليس لنا حتى “رأي” في ذلك!

الأسوأ من كل ذلك، أن يحدث في بلدنا التي فيها نسبة التعليم عالية جداً، وغالبية الشباب مثقف، أن لا يعترف أحد بخسارته لعدم تمكنه من حسم الأمر لصالح قائمته، فنحن نحب النصر، ونخشى الخسارة التي قد تعلمنا الكثير للمستقبل، ونستمتع بالمكابرة في الحصول على أمر، لم نحصل عليه أصلاً، ولم نتمكن منه إلا في أحلامنا لتبرير أمرنا نحن العاجزين!

النتيجة بأن كل ما يحدث ويمكن أن يحدث في بلدنا، سببه الرئيس هو تلك الفئة “المُنزلة” علينا من السماء، والتي لا يستطيع أحد أن يخالفها الرأي فهي الصواب دائماً، وعلى الجميع السير خلفهم كـ”العميان” حتى وإن كانوا يشاهدون الخطأ بأعينهم.

لا بد أن نتعظ مما جرى ويجري، ولا بد للجميع أن يعلم بأن زمن القيادة “المنفردة” قد ولى بلا رجعة، وطالما تم الرجوع إلى الشارع كي يختار عبر صناديق الاقتراع، فالشارع كذلك يستطيع أن يحكم مدى الخطأ والصواب، ويستطيع قول كلمة الفصل.