- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

نتانياهو في باريس: إيران عدوة وفرنسا صديقة

هارولد هيمان
كانت زيارة بنيامين نتانياهو لفرنسا مناسبة لإطلاق موجة شعور متبادل حول محورين: إحياء ذكرى اليهود الذين قتلوا في مدرسة «عوزار هاتوراه» اليهودية في تولوز (جنوب غرب) على يد الفرنسي محمد مراح في ١٩ تشرين الأول من السنة الماضية، ولقاء ضروري بين رئيس وزراء إسرائيل والرئيس المنتخب فرانسوا هولاند نظرة لندة لقاءاتهما السابقة.
لننظر نحو البعد الجيوسياسي لهذه الزيارة، ذلك أن نتانياهو لا يشك لحظة برغبة فرنسا بمحاربة اللاسامية على أرضها، من هنا كان تبادل الكلمات حول هذه النقطة أكثر من بناء كان ممتعاً. وقد أشار إلى ذلك نتانياهو يوم الأربعاء في المؤتمر الصحافي المشترك في الإليزيه. في الإليزيه تحدث الرئيسان عن صداقة مع هولاند وتطابق وجهات النظر حول إيران.
مصادر متقاطعة تقول إن الجانب الإسرائيلي كان يتسائل ما إذا كانت الرئاسة الفرنسية تتحفظ بشأن الحديث عن ضربات إسرائيلية جوية على المنشآت الإيرانية. أما الجانب الفرنسي فقد كان يتخوف من يتخذ نتانياهو موقفا عدائياً متطرفاً مرفقاً بحركات بهلوانية جفصة.
المفاجأة كانت أن نتانياهو تواضع بينما هولاند وصفه بالصديق. وهذه نقطة مهمة جداً إذ أن الفرنسيين يستعملون دائماً تجاه إسرائيل صفة «الصداقة الصريحة» ليشيروا إلى دعمهم للقضية الفلسطينية.
ولكن نتانياهو نجح بتقريب وجاهات نظر باريس وتل أبيب عبر سلسلة ألاعيب تواصلية: فقبل وصوله إلى باريس ذكر في مقابلة مع «باري ماتش» أنه في حال ضرب المنشآت الإيرانية فإن العالم كله سوف يتنفس الصعداء بعد خمس دقائق. واعتبر البعض في باريس أن هذا التصريح هو مؤشر لإعلان الهجوم. إلا أنه ما أن وطأ الأرض الفرنسية حتى صرح رئيس وزراء الدولة العبرية أن هذه المسألة هيه «افتراضية» وشدد على مدخل ما ذكره للصحيفة «في حال قصفنا المنشأت». إلا أنه عاد ونص «نظرية نتانياهو» حول المسألة الإيرانية والتي يمكن اهتصارها كما يلي: «نقول للآيات الله بأنه سوف يتم وقف مسار الحصول على قنبلة نووية في النهاية وأن التخلي عن البرنامج النووي سوف تسبقه سلسلة عقوبات اقتصادية قاسية».
في الواقع إن نتانياهو مقتنع بأن النظام في طهران هو إيديولوجي ويبحث عن الفوضى والخراب لتسريع وصول الإمام المختفي، وأن هذا النظام لن يسقط وفي حال حصوله على القنبلة النووية سوف يشكل خطراً على إسرائيل.
ويمكن اختصار نظرية نتانياهو بالشكل التالي: العقوبات تعد للضربة إلا في حال تراجع تام لنظام الملالي.
وقد أظهر رئيس الوزراء الإسرائيلي حساً  تاريخياً رهيفاً في مخاطبة الفرنسيين فلفظ عدة جمل فرنسية وهو ما تستطيب سماعه آذانهم. وقارن بين هتلر الذي استقوى بغياب تنبيه من المجتمع الدولي ويرى أن آيات الله قد تم إيصال تنبيه لهم.
وقد بدا إبان هذه الزيارة أن المسألة الفلسطينية لم يكن لها من يدافع عنها. فرنسوا هولاند ذكرها بسرعة ونتانياهو لم يكن مهتما بها مكتفياً بالقول «أنا مستعد للتفاوض اليوم في باريس مع محمود عباس»، وهو ما أربك على ما يبدو هولاند. رلكن كل هذه الحركات لا تؤسس لسياسة خارجية واقعية.
في النهاية يمكن القول إن بنيامين نتانياهو بات شخصية مقبولة في فرنسا. وقد دافع عن قضيته. وأن هولاند تفهم هذه القضية. ولكن هل يكفي هذا لإخافة الآيات الله؟