- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

سوريا: رياض حجاب أم رياض سيف لرئاسة حكومة منفى؟

باريس – «برس نت»

مؤتمر لإعادة هيكلة وتنظيم المعارضة اليوم في قطر، في الوقت الذي تشهد فيه الثورة السورية مخاضاً صعباً، وتعيش المعارضة السورية آياماً عسيرة. ولا يمكننا إلا التوقف عند «الجفاصة» التي تحدثت بها هيلاري كلينتون متوجهة إلى المعارضة السورية والتي تعكس هذه الحالة، وخصوصاً قولها «لقد حان الوقت لتجاوز المجلس الوطني السوري». بالطبع يجب الانفتاح وضم من وصفتهم بأنهم «في خطوط المواجهة يقاتلون ويموتون اليوم» إلى مسار المعارضة، وهو ما يبدو تغييراً نوعياً في مقاربة واشنطن للملف السوري.
مصدر ديبلوماسي غربي قال لـ«برس نت»  إن واشنطن «تريد أن تضع أنفها في الداخل» فهي غير راضية عن تشرذم المعارضة في الخارج وتفضل أن تكون أكثر تماسكاً لربح المعركة السياسية مع نظام الأسد، ويضيف «ولكنها غير راضية البتة عن تكاثر المجموعات المقاتلة في الداخل». ولا يشك المصدر في أن «واشنطن تريد أن يكون لها ليس فقط آذان وعيون داخل تنظيم الجيش السوري الحر، بل أيضاً ضباط اتصال». ويشرح المصدر الغربي المقرب جداً من ملف سوريا بأن من مهمات الجيش السوري الحر في الأيام المقبلة «الاشتباك مع كتائب الجهاديين لدحرهم خارج سوريا»، ويقول إن هذا شرط لتسليم أسلحة قادرة على قلب موازين القوى مع الجيش السوري.
ويفسر هذا «قلب هيلاري كلينتون الطاولة على رأس المجلس الوطني السوري» حسب قوله، مشيراً إلى تصريحها حين قالت «ينبغي أن تكون هناك معارضة يمكنها التحدث مع كل شريحة وكل منطقة جغرافية في سوريا. ونريد أيضا معارضة تواجه بقوة محاولات المتطرفين لخطف الثورة السورية».
إلا أن خبيراً فرنسيا متابعاً للملف السوري أيضاً قال لـ«برس نت» إن التحضير لهذا التغيير في الاستراتيجية يعود إلى نهاية آب/أغسطس وبالتحديد إلى تاريخ إقصاء بسمة قضماني من المكتب التنفيذي للمجلس الوطني السوري. في حينها ذكرت قضماني لوكالة الأنباء الفرنسية أن «المجلس لم يكسب المصداقية المطلوبة ولم يحافظ على الثقة التي منحه إياها الشعب عند تشكيله» وبعد أن تحدثت عن «خلافات في وجهات النظر مع بعض اعضاء المجلس» وعدت بتخصيص وقتها «للمساهمة في الجهد الانساني للشعب السوري» وأنها سوف «تستأنف عملها كباحثة». غير أنها ما لبثت أن بدأت تعمل على ترويج لحكومة انتقالية، هي أصلاً فكرة فرنسية وليست أميركية كما يحلو لبعض وسائل الإعلام القول، وردها إلى السفير الأميركي «روبرت فورد».
وفي الواقع فإن مبادرة قضماني كانت بهدف كسب وزن سياسي خسرته داخل المجلس بسبب صراعها مع عدد من أقطابه لأسباب شتى. ويقول الخبير أن قضماني حاولت إقناع الفرنسيين بالتخلي عن المجلس الوطني والانتقال «مباشرة» إلى حكومة انتقالية تحصل على «نوع من الاعتراف الدولي» من ثم تنتقل إلى الداخل «ولو بشكل جزئي على جانبي الحدود»، على أساس أن هذا «يسمح للحكومة الانتقالية بطلب حماية دولية». وقد رددت بتجاوز المجلس الوطني وإن هي دعت وألحت بضرورة تأليف حكومة مؤقتة. وقد شكل هذا الإلحاح إشكالاً بين باريس والمجلس الوطني. يقول أحد المقربين من المعارضة إن أسباب رفض المجلس الوطني لحكومة مؤقتة مرده إلى نقطتين ١- التنافس الشديد بين أقطاب المجلس وليس فقط بين العلمانيين بل أيضاً بين تيارات الإخوان المسلمين الذين يشكلون نسبة «لا بأس بها» من المجلس. وهو خلاف بين التيار الحلبي ممثلاً بـ«علي صدر الدين البيانوني» وتيار حماة ممثلاً بـ«محمد فاروق الطيفور». ٢- معرفة عدد كبير من أعضاء المجلس بأن لا سيطرة للمجلس على مكونات المعارضة المقاتلة على الأرض، وأن تشكيل حكومة مؤقتة سوف يكشف عن نقاط الضعف هذه. وقد تبين هذا عندما تم إنشاء «مكتب استشاري عسكري» لمتابعة شؤون قوى المقاومة المسلحة المختلفة وتنظيم صفوفها وتوحيد قواها ضمن قيادة مركزية واحدة إذ لم يجف حبر خبر الإعلان حتى جاء «تكذيب» من رياض الأسعد.
سبب «الفتور» بين المجلس الوطني وباريس يانتقال «ثقل العمل السياسي في الخارج إلى واشنطن عن طريق الأردن» وابتعاده قليلاً عن اسطنبول. في حين أن الدوحة كانت تحضر لـ«إجبار المجلس على الانفتاح» على مكونات المعارضة.
إلا أن التعقيدات كانت تأتي من «المنشقين عن المجلس» أكثر من المعارضات الأخرى مثل هيئة التنسيق وتيار بناء الدولة.
يبدو أن «هزة البدن» التي اسعفت بها كلينتون المجلس ساهمت في ترطيب الأجواء. فقد أعلنت شخصيات سياسية سورية معارضة من عمان مبادرة تستعد لعرضها على الاجتماع الموسع الذي يعقد اليوم في الدوحة.  ونصت المبادرة على «انشاء كيان جديد» للمعارضة السورية يمثل كل الشرائح ومن ضمنه «المجلس الوطني السوري»، على ان يليه تشكيل حكومة مؤقتة في المنفى. وقد أطلق على هذا الكيان اسم «هيئة المبادرة الوطنية»، على أن يضم المجلس الوطني (اعضاء المكتب التنفيذي الـ14) والمجلس الوطني الكردي (ثلاثة اعضاء) والمجالس المحلية (المدنية التي تعنى بتنظيم شؤون الناس في المناطق التي خلت من وجود النظام) والمجالس الثورية في الداخل والشخصيات السياسية التاريخية وهيئة علماء المسلمين ورابطة علماء المسلمين.
إلا أن الغرابة هو أن هذه المبادرة تزامنت مع تقارير عن احتمال تشكيل حكومة سورية في المنفى برئاسة المعارض رياض سيف، في حين أن سيف شارك في اجتماع عمان الذي تم بدعوة من رئيس الوزراء السوري المنشق رياض حجاب وحضوره، والذي تطرح جهات أميركية اسمه كرئيس لحكومة المنفى.
الغرابة الثانية حضور شخصيات بارزة، بينها ممثل عن جماعة الاخوان المسلمين المنضوية في اطار المجلس الوطني، واعضاء سابقون في المجلس جلسوا إلى جانب أعضاء حاليين في المجلس ( كمال اللبواني وبسمة قضماني وسهير الاتاسي والناشط الحقوقي وليد البني) ورضوان زيادة وبسام يوسف والحارس النبهاني عن الاحزاب اليسارية، واحمد العاصي الجربا عن العشائر السورية إلى جانب ممثل المنبر الديموقراطي ميشال كيلو.
أما الغرابة الثالثة فهو الإعلان أن هذه المبادرة ربما تشكل كياناً بديلاً عن المجلس الوطني او ائتلافاً جديداً.
في حين أن الغرابة الرابعة تمثلت في تواجد علي صدر الدين البيانوني في اللقاء حيث عبر عن «تأييد الاخوان فكرة ايجاد قيادة سياسية جامعة للمعارضة السورية من حيث المبدأ»، إلا أنه شدد على ضرورة «المحافظة على كيان المجلس الوطني السوري، والا تكون الهيئة الجديدة بديلا عنه». ما يعيد الكرة إلى المربع الأول، وإن هو دعا إلى«تمثيل القيادة المشتركة للمجالس العسكرية والمجالس الثورية» في القيادة الجديدة.
و”اعادة النظر في تمثيل المحافظات السورية ليكون متوازنا ومتناسبا مع عدد سكان كل محافظة”، وضم شخصيات اسلامية الى الهيئة.
ومن المشاركين في اجتماع عمان المعارض البارز ميشيل كيلو والاعضاء السابقون في المجلس.
اعتباراً من اليوم ينتقل الجميع إلى الدوحة للمشاركة في المؤتمر إعادة هيكلة وتنظيم المعارضة الذي يستمر ٤ أيام.
وينتظر ان تشارك في هذا المؤتمر الموسع ٤٢٠  شخصية تمثل ٢٣ كتلة سياسية، بينها« ١٣ كتلة ستشارك للمرة الاولى». ويتوقع ان يقر هذا الاجتماع توسيع المجلس بانضمام قوى معارضة جديدة اليه، كما ينتظر ان ينتخب هيئة قيادية جديدة ورئيساً جديداً.
وقد وجه الامين العام للجامعة العربية نبيل العربي ورئيس الحكومة وزير الخارجية القطري الشيخ حمد بن جاسم دعوات الى ممثلي المعارضة لعقد مؤتمر آخر في الدوحة يعقب مؤتمر المجلس الوطني. وجاء في نص الدعوة ان هدف هذا المؤتمر هو دراسة قرارات مجلس الجامعة حول الوضع في سورية وتداول المستجدات وتفعيل رؤية المعارضة وما جاء في وثائق مؤتمرها الموحد الأول في القاهرة وتنسيق الجهود من أجل «إنشاء هيئة قيادية وطنية تحظى بتأييد الشعب السوري» و»تمثل واجهة سياسية للمعارضة». مصادر ديبلوماسية عربية قالت إن هذه الهيئة ستتجاوز المجلس الوطني السوري وسيكون منوطاً بها قيادة المعارضة في المرحلة المقبلة والتأسيس للمرحلة الانتقالية مع احتمال اعلان الحكومة الانتقالية.
السؤال هنا هل هذه الهيئة هي «الكيان الجديد» الذي تحدث عنه المجتمعون في عمان؟ في هذه الحالة من يعلن حكومة مؤقتة رياض سيف أم رياض حجاب؟