- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

الإنتخابات إعلامياً… ومالياً

نجاة شرف الدين
وحده ” توماس بترفاي” لم يتوقف في إعلاناته الدعائية لصالح المرشح الجمهوري ميت رومني، على الرغم من الإعصار ساندي الذي ضرب الساحل الشرقي للولايات المتحدة الأميركية. توماس المهاجر الهنغاري الذي وصل الى اميركا في العام 65 هرباً من الشيوعية، كان في سن الواحدة والعشرين ولا يتكلم الإنكليزية، ليصل في السبعينات ويكون مؤسساً في أسواق الأسهم الأميركية ويحقق ثروة مالية طائلة.
توماس لم يحقق هذه الثروة من دون أن يدخل أيضاً في التركيبة السياسية الأميركية، فيكون صديقاً للجمهوريين ويساعدهم مالياً، وهو ليس وحده، إلا أنه اختار في هذه الحملة الإنتخابية، أن يظهر في إعلانات دعائية يتحدث فيها عن تجربته ويحذر من وصول الديمقراطيين ويحذر من السياسات الإقتصادية التي تعطي تقديمات إجتماعية، محاولا الإيحاء من تجربة بلده الأم هنغاريا وما عانته من الأنظمة الشيوعية، ويقول بلهجة إنكليزية ذات لكنة هنغارية حادة “في الإشتراكية صحيح أن الأغنياء يصبحون أفقر ولكن الفقراء يزيدون فقراً” ويدعو الى التعلم من الماضي، ويرافق الكلام مع صور بالأسود والأبيض وموسيقى مؤثرة عن مراحل الأزمات، وهو يختم إعلانه بالقول “أنا مسؤول عن هذا الإعلان”.
ربما يشكل إعلان توماس واحداً من مئات الإعلانات التي تكثفت في الساعات الأخيرة بين المرشحين الجمهوري رومني والديمقراطي باراك أوباما، كما ثكثفت الزيارات التي يقوم بها المرشحان الى الولايات التي لا تزال مترددة ومنها “أوهايو وفلوريدا وبنسلفانيا ونيوهامشير وكولارادو وويسكنسن وأيوا وفيرجينيا” من أجل الحصول في اللحظات الأخيرة على الأصوات خاصة أن معظم الإستطلاعات، أعطت نتائج متقاربة جداً بين المرشحين لا تتجاوز النقطة أو النقطتين، وهو ما يمكن التعبير عنه في الأموال التي تصرف على هذه الحملات إعلانياً، حيث لا تكاد تمر خمس دقائق تلفزيونياً من دون مرور إعلان إنتخابي لاحد المرشحين، فقد تم صرف 190 مليون دولار في فلوريدا و195 مليون دولار في أوهايو و 150 مليون دولار في فرجينيا، وتتحدث التقارير عن كلفة قد تتجاوز الثلاث مليارات دولار  في الولايات المتحدة مجتمعة.
هذه الأرقام تؤشر الى حماوة المعركة في ظل تقارب الأرقام إنتخابياً،  ودخول رجال الأعمال الأغنياء بقوة على خط الحملات، حماية لمصالحهم المالية، إذا ما فاز أوباما، ووضع ضرائب جديدة على الأغنياء، فاستفادوا من قانون “السوبر باك” الذي يسمح لهم بدفع أموال طائلة ومن دون سقف، من دون ذكر أسمائهم، للحملات الدعائية، خاصة أن الناخب الأميركي يتأثر، لا سيما في بعض الولايات، بهذه الحملات.
وسائل الإعلام الأميركية، المستفيدة حاليا من هذا الموسم الإنتخابي المالي بامتياز، باستخدامها لعرض الإعلانات، تعيش على وقع هذه المعركة المحتدمة لا سيما في الساعات الأخيرة، والإستطلاعات المستمرة يوميا وساعة بساعة، وهو ما يزيد من الحماسة الإعلامية، من خلال إستطلاعات محددة أيضاً للنساء والرجال واللاتينو والأقليات وغيرها.
بعد كل هذه الحملات مالياً وانتخابياً، والتي زادت الإنقسام في البلد بشكل كبير. وبغض النظر عمن سيكون الفائز، سيكون عليه  في السابع من نوفمبر، أن يبدأ مرحلة جديدة في الإدارة الأميركية، وهي بالضرورة محكومة بالتعاون بين الجمهوريين والديمقراطيين من أجل إنقاذ الوضع الإقتصادي الذي يحتاج الى تسوية في الكونغرس الجامع للطرفين، ولن يؤثر عندها المال السياسي، لأن الكل سيخسر إذا ما إنهارت أميركا…