باريس ــ بسّام الطيارة
لا تزال خلفيات المنطلق الفرنسي لدعم رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي تبعث على التساؤل في ضوء التأويلات المتعددة. مصدر فرنسي عدد بإسهاب الأسباب الكامنة وراء «تحرك باريس السريع لمنع تدحرج الوضع نحو الفراغ والفوضى» ما أن بدأت الحملة على حكومة ميقاتي. يقول المصدر إن هذه الحكومة تمثل «أفضل ما تحت اليد اليوم» وليس من الممكن الأخذ بأي من الطروحات الثلاثة التي قدمها رئيس الوزراء السابق سعد الحريري للمهتمين بالملف اللبناني في العاصمة الفرنسية، وهي إما حكومة حوار وطني أو حكومة تكنوقراط أو حكومة تصريف أعمال.
ويشرح المصدر بأن ظروف تأليف حكومة وحدة وطنية أي ثلاث مجموعات من عشرة وزراء لكل من المعارضة والأكثرية والوسط بما فيها رئيس الجمهورية ميشال سليمان غير متوفرة في المرحلة الحالية. أما حكومة تكنوقراط فسوف تكون حكومة غير قادرة على العمل على المستوى السياسي، وخصوصاً تطبيق سياسة النأي بالنفس والإمساك بالوضع في ظل الأزمة السورية. أما الطرح الأخير للحريري فهي «حكومة تصريف أعمال لا تمتلك شرعية اتخاذ قرارات كبرى ولا تمثل الإجماع الوطني».
وقد رفضت الإدارة الفرنسية، حسب قول المصدر، الدخول في هذه التفاصيل التي «ترمي لبنان في حلقة فراغ»، وخصوصاً أن أي تغير اليوم في توجهات السياسة اللبنانية تجاه «الأزمة الكبرى أي الحرب الأهلية في سوريا» يمكن أن تتسبب بتغيرات من الصعب التنبؤ بها وتقدير عواقبها «أكان ذلك على الاستقرار في البلد أو على مواقف الجيش» في حال حصول تغيرات جذرية في التوجهات السياسية اللبنانية. أضف إلى أنه كان لروسيا موقف أساسي في التنبيه من مخاطر «فتح جبهة جديدة في المنطقة» وهو ما قاد الخمسة الكبار إلى «رفض فتح جبهة داخلية في لبنان» يمكن أن تفسر بأنها «إعلان حرب على إيران وسوريا». إلا أنها «نصحت» باتباع «مسيرة الحوار التي أطلقها الرئيس سليمان». ويقول المصدر «قد تبدأ عن طريق مراسيل بين الفرقاء ولكن لا بد أن تنتهي بلقاء على طاولة الحوار». ويستطرد «عندها كل شيء ممكن بما فيه تغيير حكومي يتم بالتوافق». ويقول المصدر إن باريس نصحت «جميع من تواصلت معهم بدعم رئيس الجمهورية سليمان»، وأن عدم اندفاعها للقيام بـ«تمرين شبيه بتمرين سيل سان كلو اليوم يعود إلى عدم رغبتها بتجاوز موقع سليمان». ولا يخفي المصدر أن هدف باريس اليوم هو «تقوية موقع رئيس الجمهورية ودوره في قيادة حوار وطني».
كل هذه الأسباب تدفع باريس لدعم «بقاء حكومة ميقاتي». ويعترف المصدر بأن أهمية الاستقرار في لبنان نابع من أنه «البقعة الوحيدة التي تشهد وفاقاً سني شيعي» في الشرق الذي يشهد تدهوراً كبيراً في العلاقات بين قطبي الإسلام الأساسيين. من هنا أهمية السلم الأهلي في لبنان وأهمية المحافظة على الاستقرار ما يعطي «ميقاتي وزناً بسبب الإجماع السني والشيعي الذي يلف حكومته وإن لم يكن شاملاً». ويستدرك المصدر بأنه «في حال سقوط هذه الحكومة» يبدو مستبعداً الحصول على إجماع مماثل. من هنا فإن دعوة نجيب ميقاتي لزيارة فرنسا ما زالت قائمة. وسوف يصل في ١٨ لتبدأ الزيارة في ١٩ كما كان مقرراً، علماً أن «برس نت» علمت من مصادر موثوقة بأنه تم توسيع برنامج الزيارة.
ولكن يؤكد المصدر بأن هذا «لا يعني أننا نتخلى عن المعارضة» وهو ما تم نقله للسعوديين، ويقول إن هؤلاء بعد أن كانوا متحمسين لإسقاط حكومة ميقاتي» تفهموا خطورة المرحلة وهو ما تم التفاهم عليه في جدة إبان الزيارة القصيرة للرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند.