- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

لماذا الجزائر؟

معمر عطوي
الرسائل التلفزيونية الأخيرة التي تبثها مواقع إسلامية “جهادية” منذ بدء الثورات العربيّة، تركّز على الجزائر والساحل الإفريقي، ما يطرح تساؤلات حول الاستراتيجية المقبلة للحركات الإسلامية في العالم العربي والقرن الافريقي.
ثمة رسائل بثتها مواقع قريبة من تنظيم “القاعده”، بعضها لزعيم التنظيم الدكتور أيمن الظواهري، تدعو الجزائريين الى الانتفاض على السلطة القائمة برئاسة عبد العزيز بوتفليقة، وتحثهم على تطبيق الشريعة الإسلامية.
وفي بلد عانى من إرهاب الإسلاميين والسلطة على حد سواء خلال تسعينيات القرن الماضي، يبدو أن التغيير يشكل لأهله هاجساً مخيفاً من الوقوع مجدداً في الفوضى ودائرة العنف التي لا ترحم أحداً.
إلاّ أن إصرار “القاعدة” في هذا الوقت بالذات على حصول تغيير في الجزائر يثير مخاوف من خطط جديدة يعمل عليها الإسلاميون من التنظيمات “الجهادية”، بالتنسيق المُبطّن مع حركة الإخوان المسلمين وبمباركة هذه المرة من تركيا، الوكيل الأميركي الحصري لواشنطن في العالم الإسلامي، وبتمويل من دولة قطر التي يبدو أنها تخطط لدخول التاريخ عبر بوابة الحركات الإسلامية.
أما الاستراتيجية الجديدة كما تشي الوقائع، فهي تمتد من دول المغرب العربي الى القرن الإفريقي شرقاً والى الساحل الإفريقي جنوباً وغرباً. أما أهم عوامل نجاحها فتكمن في تغييرات شهدتها المنطقة يرى الإسلاميون أنها في صالحهم. فإذا بدأنا من مصر يسن الأخوانيون أسنانهم لتحقيق الغالبية التي تخولهم تسلم السلطة، وهناك حديث عن مفاوضات مع الإدارة الأميركية في هذا الصدد. نتجه نحو السودان التي يتمتع نظامها بمقومات السلطة الإسلامية، وتطبيق الشريعة، وليس خافياً أن عمر البشير وصل الى الحكم في منتصف الثمانينات بدعم الإخوان المسلمين. ثم يأتي الصومال الذي تقوى فيه شوكة “القاعدة” يوماً بعد يوم. والى شمال السودان هناك ليبيا، التي يبدو ان التنظيمات الإسلامية، وخصوصاً بقايا الجماعة المقاتلة بقيادة عبد الحكيم بلحاج، تستعد للسيطرة على السلطة فيها بعد مقتل العقيد معمر القذافي، وذلك من منطلق أنها هي من كانت في طليعة المحررين للبلاد من الطبقة الحاكمة، وعناصرها هم من ذاق اشد العذاب في سجون القذافي. والى غرب ليبيا تشهد تونس تغييرات أيضاً يكون فيها حزب النهضة الاسلامية رأس الحربة وربما الحاكم المستقبلي. والحزب الذي ارتبط بحالة عداء آيديولوجي مع الغرب لا مانع لديه الآن من محاورة الأميركيين. تبقى الجزائر في تلك البقعة خارج السياق التغييري، فيما المغرب وموريتانيا يعيشان بهدوء حتى الآن، لا يشي بامكان حصول تغيير سريع.
لهذا يصرّ “القاعديون” على اسقاط النظام الجزائري تمهيداً لسيطرة الإسلاميين على دول المغرب العربي وبعض بلدان القرن الإفريقي العربية.
لعل هذه التطورات تؤكد وجود استراتيجية إسلامية شاملة يتم من خلالها دمج الفكر الجهادي السلفي بالإخواني، كما حصل سابقا في أفغانستان. والمعركة المقبلة.