- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

مصر أمام الامتحان

حسام كنفاني
رغم أن العدوان القائم يصب حممه على قطاع غزة وأهلها، ورغم أن الجميع بانتظار كيف سيكون الرد الحقيقي لفصائل المقاومة، وخصوصاً حركة “حماس”، إلا أن عين الترقب الأساسية مسلطة على مصر الجديدة بحكمها “الإخواني” المتحالف مع “حماس”.
لا مبالغة في القول أن رد الفعل المصري المرتقب من شأنه الحكم على مسار الأنظمة الوليدة من الربيع العربي، وما إذا كانت نسخة منقحة عن أنظمة التآمر السابق، أم أن تغييراً جوهرياً طرأ من شأنه إحداث تعديلات جوهرية في موازين القوى في المنطقة.
لا يخفى على احد مدى التواطؤ الذي كان يقوم به نظام حسني مبارك على المقاومة بأشكالها كافة، وخصوصاً تلك القابعة في قطاع غزة. ولا احد ينسى أن عدوان الرصاص المصهور في أواخر ٢٠٠٨ أعلنته تسيبي ليفني من على منبر مصري وإلى جانبها وقف وزير الخارجية المصري الأسبق، احمد أبو الغيط. لكن من المفترض أن تلك المرحلة قد انتهت، ودخلنا عصر التحرر العربي، الذي لا بد أن تكون فلسطين ضمن أولوياته.
هذا العصر هو اليوم أمام الاختبار الحقيقي لمدى تماهيه مع الرغبات الشعبية، التي لا شك تريد نصر الفلسطينيين في مثل هذا الوضع الذي يعيشونه. ردة الفعل الأولى، المصرية خصوصاً، على العدوان ليست مثالية، لكنها تؤكد أن نظام مبارك ذهب إلى غير رجعة. رغم ذلك، لا يزال الموقف اقل من المأمول؛ سحب السفير من إسرائيل سبق أن فعله مبارك قبل ٣ أعوام، ودعوة مجلس الأمن والجامعة العربية يمكن وضعها في إطار الحركة الدبلوماسية الفولكلورية العربية منذ سنوات. لكن مع ذلك هناك ملامح تغيير، اولها بفتح معبر رفح على مدار ٢٤ ساعة. أما إذا صح إغلاق قناة السويس أمام الملاحة الإسرائيلية، فإن هذه الخطوة ستكون الأشد ايلاماً في إطار الإجراءات العقابية التي لا تكلف مصر الدخول في مواجهة عسكرية هي ليست في واردها حالياً.
بالتأكيد ليس المطلوب من مصر الزحف بجيشها إلى الحدود. فالكل يعلم أن مثل هذه الخطوة لايزال من المبكر جداً مجرد التفكير بها، لكن هناك إجراءات كثيرة أخرى ضاغطة من الممكن القيام بها. إجراءات بدأت مصر تطبيق بعضها، بانتظار المزيد منها للتأكيد أن “أم الدنيا” عادت إلى موقعها الحقيقي.
غزة تحت النار. الأمر ليس جديداً، فأهل القطاع استبسلوا في جولات قتال كثيرة سابقة. لكن الجديد هو رد فعل دول الربيع العربي، الذي سيؤسس لصفات ستلاحقها مستقبلاً.