- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

غزة… معادلات جديدة!

فادي أبو سعدى
متضاربة هي المشاعر عند الحديث عن العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، بالنسبة لأهالي الضفة الغربية، فهي تارة مليئة بالحزن والألم لما يجري لهم، وتارة أخرى ممزوجة بنشوة مفاجآت المقاومة في الوصول إلى تل أبيب والقدس، وتارة ثالثة بين الاحساس بالعجز عن فعل شيء ملموس لهم، أو الشعور بالخزي من موقف العالم بأسره والعالم الشقيق على وجه الخصوص.
لكن أحداً لا يستطيع إنكار ما حققته المقاومة الفلسطينية هذه المرة، خاصة وانها أعقبت مقاوم من الطراز الأول، كالشهيد أحمد الجعبري، وكان الجميع يقف بانتظار الرد على هذه الجريمة، رغم أن التاريخ يقول بأن الرد لن يكون كبيراً أو غير معتاد، لكن الحقيقة أنه كان كذلك فعلاً.
فبحسب الإعلام العبري وفي مقارنة سريعة بين عدد الصواريخ والغارات التي ضربت على غزة، والأخرى التي أطلقتها المقاومة باتجاه إسرائيل فقد فاقتها المقاومة كماً، فيما المفارقة هذه المرة بأن الجديد كان لدى المقاومة وليس لدى جيش الاحتلال في الوصول إلى مدينة تل أبيب.
ورغم أن إسرائيل لم ترد على هذا الحدث الكبير للمقاومة، حتى نفذت المقاومة الفلسطينية مفاجئة من العيار الثقيل، واضطرت دولة الاحتلال لاستخدام صفارات الانذار للمرة الأولى منذ العام 1970 في القدس المحتلة، وقصفتها في ثلاثة مواقع على الأقل، وهو الأمر الذي شكل صدمة حقيقة للجيش واستخباراته، وللساسة كذلك، ولم يجد من المحللين السياسيين ما يقوله أمام ما يحدث.
أما فلسطينياً، فكان الأهم هو اختلاف لهجة الرئيس الفلسطيني تجاه حركة حماس تحديداً والمقاومة الفلسطينية كذلك الحال، فقد تجنب الرئيس مهاجمة الحركة، لا بل أكد أنه حاول الاتصال بقياداتها، ولم يسخر هذه المرة من صواريخهم “العبثية” كما كان يصفها دائماً، بل حيا صمودهم، وتحدث عن محاولة إسرائيل النيل من كل الشعب الفلسطيني، وهو حديث وحدوي كان نادراً بعد الانقسام.
الحقيقة، أن كل الذين شاركوا في الانقسام، وكل الذين كانوا يدينون حركة حماس على ما يجري في غزة، وقفوا لها، ولكل فصائل المقاومة الفلسطينية وقفة احترام وتقدير على ما يحدث الآن في غزة، والحقيقة الأكبر بأن الشارع الفلسطيني كان بحاجة لجرعة كبيرة جداً من المعنويات، وقد حصل عليها فعلاً، بفضل مفاجآت المقاومة التي يريد الشارع استمرارها طالما استطاعت المقاومة ذلك.
والحقيقة الأهم، بأن إسرائيل وحتى بعد استدعاء 75 ألفاً من جنودها الاحتياط، فهي تقف عاجزة عن الرد على المقاومة في تلك المنطقة المغلقة نسبياً وهي غزة، وتقف عاجزة أكثر عن التبرير لمواطنيها عن حجم “الخازوق” الذي وقعت فيه، باغتيال الجعبري، وما سيتبع ذلك من ردات فعل قد لا تستطيع إسرائيل الوقوف أمامها مهما حاولت وفعلت.