- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

التّراث اللّيبي ينجو من مجزرة ثقافية

باريس ــ “أخبار بووم”
أعلنت إيرينا بوكوفا، المديرة العامة لمنظمة اليونسكو، خلال افتتاح مؤتمر للخبراء عقدته منظمة الأمم المتحدة بشكل طارئ من أجل إنقاذ وصون التّراث الثّقافي في ليبيا يوم 21 تشرين الأول/أكتوبر في باريس، أنّ ليبيا تجنبت “إبادة ثقافية”، فبعد مرور أشهر عديدة من النّزاع الشّديد في ليبيا انتهت بموت معمر القذافي يوم الخميس 20 تشرين الأول/أكتوبر، “لم تحصل أضرار كبيرة في معظم المواقع الثّقافية للبلاد”. وأضافت أنّ موقع “لبتيس ماغنا، مثلا، بقي بعيدا عن النّزاع وهذا بفضل وعي السّكان المجاورين للموقع الذّين تجنّدوا من أجل الحفاظ عليه حتّى في الأوقات العويصة”.
وكان من المقرر عقد هذا اللّقاء منذ أسابيع عديدة لكن نهاية العقيد وسقوط مدينة سرت، آخر معاقل القذافي، أعطت الحدث أهمية خاصة.
وقال فرانشيسكو باندارين، مساعد المدير العام للشؤون الثّقافية في اليونسكو، “الآن بالتّحديد، يجب مساعدة ليبيا حتى نجنّبها النّهب كما حصل في أفغانستان والعراق، فالسّكان المحليون ليسوا واعين دائماً بقيمة وغنى هذا التّراث الذّي يمتد من الصّحراء الكبرى إلى غاية البحر الأبيض المتوسط”. وجاءت هذه “الأخبار الجيّدة” من قبل منظمة “الدرع الأزرق”، المنظمة الدّولية التّي يعهد إليها الاهتمام بمواقع التّراث الثّقافي بموجب اتفاقية لاهاي لعام 1954 بشأن حماية الممتلكات الثّقافية في حالة نزاع مسلّح، والتّي قامت بإرسال خبرائها في بعثة إلى ليبيا نهاية أيلول/سبتمبر الماضي. وحتّى وإن تمكّن خبراء المنظمة من الإطلاع على المواقع الرّئيسية إلاّ أنّه يتحتّم “معاينة وتقييم المنطقة الجنوبية ومنطقة جبل نفوسة وكذا مدينة صبراتة الساحلية أحد كبرى مدن طرابلس”، كما يقول فرانشيسكو باندارين. ويضيف “ليس لدينا فكرة واضحة عمّا حدث هناك، وذلك بسبب نقص المعلومات”.
وحسب إيرينا بوكوفا يبدو أنّ قوّات الأطلسي هي التّي قامت بالإبلاغ عن الوضع: “كنّا في اتصال دائم مع الدّول المشاركة في العمل العسكري وكذا مع الأمين العام للحلف الأطلسي. لقد قمنا بتزويدهم بأدقّ المعلومات الجغرافية وكذا خرائط مواقع التّراث العالمي، إنّها أول نتيجة ملموسة لهذا التّعاون، وهذا يفسّر تمديد مهمة البعثة”. وتقول إيرينا بوكوفا بنبرة فخر “لقد حرصنا على أن يقوم حلف الناتو بتنظيم دورة تدريبية لحماية المواقع الثّقافية في فيينا ابتداءً من 22 تشرين الثاني/نوفمبر إلى غاية 02 كانون الأول/ديسمبر المقبل”.
إلاّ أنّ الأخبار ليست كلّها جيّدة “فقد دمّرت بعض القطع الفسيفسائية في مدينة سوسة وسرقت ثلاث قوارير رومانية من متحف أبولونيا، والكارثة الكبرى هي سرقة كنز بنغازي، وهي إحدى أكبر سرقات الآثار في التّاريخ”، كما يشير بامتعاض فرانشيسكو باندارين. وكان الكنز يضمّ ثمانية آلاف قطعة نقدية قديمة من الذّهب والفضّة والبرونز وكذا قطعا أثرية، وكان الكنز محفوظا داخل صندوق أودع في مخزن البنك الوطني للتّجارة ببنغازي.
ودعت البروفيسورة الإيطالية سيرينيلا أنسولي، التّي انتقلت من إيطاليا إلى فرنسا وكشفت عن هذا النّهب، إلى الذّهاب إلى “بنك بنغازي في أقرب وقت ممكن لمعاينة ما تبقى في الصّندوق”. وقالت قلقة إنّه “لا يوجد أيّة وثيقة مصوّرة جردتها إيطاليا بين عام 1940 عندما كانت ليبيا مستعمرة لها واستحوذت على القطع وعام 1961 عندما أعادتها لليبيا”، ولو أنّ البروفيسورة تمتلك بعض الصّور لهذه القطع المفقودة إلاّ أنّ هذه الصّور غير واضحة.
ومن جهة أخرى، قال كارل هاينز كيند، منسّق قسم الإنتربول الموكّل بالأعمال الفنية، متفائلا “أفادتنا معلومات من قبل رجال الدّرك والتّي مكّنتنا من إدراجها في قواعد بيانات الإنتربول العالمية، وآمل أن يجعل ذلك صعبا لبيعها في الأسواق”.
ويبقى الأمر أنّ ليبيا يتعذّر عليها وحدها مكافحة تهريب الآثار والتّحف الفنّية، فشبح سرقات بغداد، بحيث تمّ نهب أكثر من 15000 قطعة أثرية من المتحف، لا يزال عالقا في الأذهان. وقد أصبح العراق منذ نهاية الحرب أوّل مصدر لهذه الجرائم التّي ينتج عنها خسارة “أكثر من 13 مليار يورو سنويا”، على حدّ تعبير باندارين. ودق صالح عقاب، رئيس مصلحة الآثار في ليبيا، ناقوس الخطر في كون بقاء المؤسسات الآثارية مستعمرة “نودّ الانتقال إلى مرحلة ما بعد الاستعمار، فهناك الكثير من المواقع لا تخضع لأيّ مخطط تسيير، كما أنّ ليبيا لا تملك أيّة بنية تحتية لحماية التّراث، فكلّ شيء يتمّ عبر البعثات الخارجية”. وفي الختام أعلنت إيرينا بوكوفا، الجمعة، خلق حضور دائم لليونسكو في طرابلس من أجل مساعدة ليبيا.