- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

صيف الربيع العربي و حصرم الخوف

إميلي حصروتي
عشرة أشهر انقضت وثلاثة شعوب عربية، حتى الآن، استطاعت أن تكسر قيد القمع والبطش وتتلمس للمرة الأولى منذ عقود طريقها نحو الحرية. عشرة اشهر مرّت منذ صفعت شرطية خدّ محمد البوعزيزي مفجّر الثورة التونسية أمام الملأ و حان الآن موعد ردّ الصفعة لعقود من القمع والاستبداد.
هل بعد الربيع العربي صيف؟ ومتى القطاف؟ أسئلة مشروعة يطرحها المراقبون لتحوّلات الانتفاضات الشعبية العربية التي استعادت زخماً معنوياً كبيراً فور ورود نبأ مقتل العقيد الليبي معمر القذافي. وقد أتت التظاهرات الشعبية التي عمّت سوريا لتهنئة الشعب الليبي بمدلولات إضافية تؤكد على مدى تماثل الثورات العربية مع بعضها البعض ومدى تلازم مسارها، رغم ما يفصل بينها من عوامل جيوستراتيجية  وسياسية خاصة بكل بلد.
ففي تونس، يتوجّه التونسيون إلى مراكز الاقتراع لاختيار أعضاء المجلس الوطني التأسيسي المولج إعداد دستور جديد للبلاد قبل انعقاد الدورة البرلمانية الجديدة. إنها الانتخابات الأولى من نوعها في أحد بلدان الربيع العربي ولا شك أن أنظار العالم منصبّة على هذا البلد الصغير في امتحان سيترتب على نتائجه انعكاسات شتّى على منطقة المغرب العربي عموما وعلى الشعوب المنتفضة تحديداً. كذلك في مصر، وبعد حوالي شهر من الآن سيذهب المصريون لانتخاب أعضاء مجلس الشعب لتأتي بعدها انتخابات مجلس الشورى، إنها لحظات حاسمة جدا في مسار الربيع العربي، فالرسالة التي يفترض إذا بالإنتخابات التونسية أن ترسلها للجميع هي أن لا مكان للخوف من الاختيار بحرية.
إن مصير الثورات العربية، التي شهدها القرن الماضي، يخبرنا أنه لا يكفي لنجاح الثورة أن تخلع ديكتاتوراً وتأتي بقائد ثوري ليتحرّر الشعب. فالأهم والمقياس الذي سينصف به العالم روّاد هذه الثورات وكوادرها هو ما ستؤول اليه سياسياً. شعار الديموقراطية الذي ردّدته حناجر الثوار واستمال به ممثلو الثورات قلوب ودعم واعتراف المجتمع الدولي، يبدو غير كافي مع انقشاع غبار الثورة. السؤال المطروح الآن هو عن مدى جهوزية هذه المعارضات، التي حملتها الانتفاضة الشعبية الى الصفوف الأمامية، لتقرير مصير شعب يحفظ كرامته و خياراته بأقليته وأكثريته. الخوف يكمن في إنها معارضات أمسكتها حكومات الحزب الواحد بيد من حديد على مدى عقود فسحقت واضطهدت مفكريها وقُتل من قُتل و نُفي من نُفي.
وعلى الرغم من مطالبة الجميع بانتخابات شفافة ونزيهة تطوي صفحات القمع والحزب الواحد، إلا أن الصحف ومواقع التواصل الاجتماعي زخرت في الأيام الماضية بأصوات تدّعي بأن الانتخابات بهذه السرعة تمهّد الطريق للإسلاميين للإمساك بحصة كبيرة من المقاعد التي ستخوّلهم ابداء الرأي في قرارات الحكومات المقبلة، مبرّرة مخاوفها هذه بأنهم، ورغم القمع الذي طالهم، لا يزالون الأكثر تنظيما والأقرب لقواعدهم الشعبية عبر الخدمات والدعوات وغيرها، فيما عانى الليبراليون من غياب المساحة التي تتيح لهم الاقتراب من قواعدهم الشعبية.
أغلب الظنّ أن هذه المخاوف لها ما يبرّرها ولكن الإسلاميين أنفسهم خائفون من التيار السلفي الذي سيقضم من حصتهم، والليبراليون يوتّرهم انشطار شعبيتهم مع صعود نجم أسماء جديدة أعطتها الثورة شرعية و شعبية. إنها اللعبة الديموقراطية بأقصى تجلياتها تراها الشعوب العربية المتحرّرة حديثا للمرّة الأولى و تحاول فهمها و تطبيقها، فحظاً سعيداً للجميع.