واشنطن – نجاة شرف الدين
في الوقت الذي كانت تعيش فيه أميركا أجواء ما بعد فضيحة الجنرال ديفيد بترايوس وتداعياتها ، إضافة الى شهادة بترايوس في قضية مقتل السفير الأميركي في بنغازي مع ثلاثة موظفين من السفارة ، وفيما كان الإعلام الأميركي مشغولا بمتابعة هذه القضايا، وما بات يعرف في الولايات المتحدة بعبارة ” حافة الهاوية المالية ” أو Fiscal Cliff ” ، وهي التسوية المفترضة للأزمة المالية الأميركية ما بين الجمهوريين والديمقراطيين في الكونغرس ، صعد مشهد الشرق الأوسط من جديد الى الواجهة ، ولكن هذه المرة من نافذة غزة.
الإعلام الأميركي المعروف بدفاعه عن أمن إسرائيل ، والذي خصص مساحات واسعة لنقاش الهجمات والغارات الإسرائيلية على غزة ، من زاوية ” الدفاع الإسرائيلي عن النفس ! ” كما أشار معظم المعلقين والمسؤولين الإسرائيليين وعلى رأسهم السفير الإسرائيلي في واشنطن ، الذين غصت بهم الشاشات الأميركية ، في محاولة للقول إن ” حماس ” تشكل خطرا على المدنيين الإسرائيليين، وصواريخها تهدد سلامة الآمنين وهذه الصواريخ دخلت من الحدود المصرية ، لم يستطع هذا الإعلام ، أن يتجاوز سقوط عدد كبير من الضحايا المدنيين الفلسطينيين ويقول ” إن عددا من النساء والأطفال سقطوا نتيجة الغارات الإسرائيلية ” ، وحضرت بعض الشخصيات العربية والفلسطينية لتعبر عن موقفها مما يجري في غزة .
واشنطن الرسمية والتي تحركت بخجل ، إقتصرت إتصالاتها من خلال وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون ، بمسؤولي المنطقة ومنهم تركيا وقطر ، وهي تعلق أهمية على قناة الإتصال المصرية عبر الرئيس محمد مرسي ، في أولى إمتحانات مصر الإخوانية ، لدورها ومواقفها تجاه القضية الفلسطينية ، وهو ما عبر عنه العديد من المسؤولين الأميركيين ، معتبرين أنهم ينتظرون ما ستقوم به “مصر مرسي “، بعد سقوط “مصر مبارك” ، مشيرين الى أن التأثير الأميركي لم يعد كما كان بعد الربيع العربي ، والضغط يقتصر على الدبلوماسية وحلفائها في المنطقة .
الرئيس الأميركي باراك أوباما ، والذي أجرى أيضا إتصالا بمرسي من أجل البحث في الحل ، علق على ما جرى في غزة بالقول ” إنه يدعم حقوق إسرائيل بالدفاع عن نفسها “، ويبدو أن الدبلوماسية الأميركية ، وعلى الرغم من التحركات الداعمة للفلسطينيين في العالم ، لا تستعجل الحل ، وهي تنتظر نتائج ما يمكن أن تتوصل إليه القناة المصرية خاصة مع صعود بعض الأصوات الجمهورية في أميركا والمطالبة بالضغط على مصر من أجل وقف الصواريخ .
واشنطن التي فوجئت بتوقيت الإنفجار في غزة ، تحصر اليوم تواصلها عبر الدبلوماسية المصرية ، وهي أشبه بما قاله أحد المسؤولين الأميركيين في برنامج ” meet the press ” يوم الأحد ، السيناتور الجمهوري ” ليندزي غراهام ” قال ومن دون أن يوجه إليه مقدم البرنامج أي سؤال وبلهجة تهديدية ” مصر إنتبهي .. إذا دعمت حماس ، ستعانون في الكونغرس ” في إشارة الى إمكانية الضغط على مصر من خلال قطع المساعدات عنها .
غزة تنتظر وواشنطن تنظر ، ويبدو أن الرئيس أوباما غير متحمس للدخول في أي ملفات خارجية ، في بداية ولايته الثانية ، التي يريدها أن تحقق إنجازات داخلية أكثر منها خارجية ، في ظل غياب المعطيات والظروف التي يمكن أن توفر له أي إنجاز خارجي حاليا ، وبالتالي فهو يريد أن يترك بصمته الداخلية في الصحة والإقتصاد ، بدل أن يتورط مباشرة بغزة … في عيون واشنطن.