تونس ــ نزار مقني
من الشمال إلى الجنوب كان الإقبال على الانتخابات التونسية «خارقا» لكل ما هو متوقع، هذا اليوم الذي شهد خروج كافة شرائح المجتمع التونسي لممارسة حقها الانتخابي، فحتى الأطفال أصروا على الدخول واكتشاف هذه العملية، والكل يتطلع إلى انتخابات عادلة ونزيهة وتمثيل فسيفسائي في المجلس التأسيسي. جميع المواطنين اعتبروا أن وصولهم لهذا اليوم هو مكسب كبير على طريق تحقيق الحرية المرجوة من بعد ثورة 14 كانون الثاني.
ولعل هذا المشهد يتضح جيداً في وصف كمال الجندوبي، رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، إقبال التونسيين على انتخابات بالقول إنه «فاق كل التوقعات التي كنا نتصورها».
الجندوبي كانت أساريره مبتهجة لمثل هذا الخبر، فقد أوضح في مؤتمر صحافي عقده بعد ظهر الأحد بالعاصمة قائلاً: «ليست لدينا أرقام دقيقة عن نسبة الإقبال حتى الآن، ومحتمل أن تفوق نسبة المشاركة 70 بالمائة».
ومع مشهد وقوف الناخبين التونسيين في طوابير طويلة لاغتنام فرصة المشاركة في أولى انتخابات «الربيع العربي»، فإن الكثير من الملاحظين يشيرون إلى أنه من المتوقع أن تسفر النتائج النهائية على حصول حركة النهضة الإسلامية على أكبر نصيب من مقاعد المجلس التأسيسي. ولعل ما حصل في تونس يعكس جيدا مدى الوعي والإدراك السياسي الذي تميز به التونسي اليوم في تحديد الهوية السياسية لتونس بعد فترتين من الديكتاتورية السياسية والأمنية.
لهذا رأى عديد المواطنين أن الذهاب للمشاركة في الانتخابات تأتي لمحاولة «تعديل تشكيلة المجلس التأسيسي» لكي يكون متعدد الألوان ولا يعكس لون حزب معين قد يحيد عن أهداف الثورة ويقفز بالثورة إلى المجهول.
وتقف هذه «الانتخابات» كحدث مفصلي بين فترة انتقالية افتقرت للشرعية الشعبية وبين فترة اضفاء تلك الشرعية على مؤسسات الدولة الجديدة المستحدثة والتي تنتظر تجديد مياهها للتمكن للوصول إلى «شاطئ الأمان»، حسب تعبير الرئيس التونسي المؤقت فؤاد المبزع.
انتخابات المجلس التأسيسي لم تحسم نتائجها لغاية، فالجميع يتوقع أن تكون مسؤولية العبور بتونس إلى عصر «الجمهورية الثانية» مشتركا بين جميع مكونات المشهد السياسي التونسي.