- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

الكراهية بين كوبيه وفيون تحطم حزب المعارضة اليميني في فرنسا

الكراهية بين المتنافسين تعود إلى سنوات عديدة سابقة

باريس – بسّام الطيارة
«الأخبار السيئة تأتي زرافات زرافات». يعيش محازبو  «اتحاد الأكثرية الشعبية» (UMP)  تحت ثقل هذا المثال ويتأملون في معانيه. فبعد خسارة الانتخابات الرئاسية وبعدها الانتخابات النيابية وكانوا قد خسروا الانتخابات المناطقية والأكثرية في مجلس الشيوخ، ها هو الحزب الذي حكم فرنسا طيلة السنوات الـ١٧ الماضية، يعيش كابوساً لا بعده كابوس بعد أن تحول النزاع على رئاسة الحزب إلى حرب معلنة بين المتنافسين على هذا المنصب وهما الأمين العام للحزب جان فرانسوا كوبيه ورئيس الحكومة السابق فرانسوا فيون.

وكأن هذا الخبر السيئ لا يكفي المحازبين فإن قاضي التحقيق استجوب لمدة ١١ ساعة رئيس الجمهورية نيكولا ساركوزيالرئيس السابق للحزب في قضية تمويل غير شرعي لحملته عام ٢٠٠٧، وتركه تحت وضعية «شاهد يمكنه طلب مساعدة محام» وهي وضعية بين وضعية المتهم ووضعية الشاهد، وبذلك يوكون ساركوزي مثله مثل جاك شيراك الرئيس السابق للجمهورية ولنفس الحزب، ثاني رئيس فرنسي يستجوب من قبل القضاء بتهم تتعلق بأموال وسخة.
في هذه الأجواء يتمزق الحزب بين فيون وكوبيه بعداتهامات متبادلة بين المرشحين بالتزوير قبل إعلان النتائج وإعلانات متبادلة بالفوز إلى أن أعلنت لجنة مراقبة الانتخابات الحزبية فوز كوبيه على فيون بفارق 98 صوتاً. وقد أظهر فيون براعة فائقة في المناورة، إذ أنه بعد ٢٤ من الصمت، وبعد أن انتظر حتى يكشف سعادته وتعلقه بالقيادة، صدر عنه بياناً جاء فيه أن لجنة مراقبة الانتخابات اسقطت من حسابها أصوات المقترعين في ثلاثة من أقاليم ما وراء البحار، وأن النتائج في حال احتسابها تجعل من فيون فائزاً بـ ٢٦ صوتاً.وقد أربك هذا الكشف فريق كوبيه خصوصاً أن فيون هدد باللجوء إلى القضاء لحسم الأمر إلا أن التخوف من «أن يضع القضاء أنفه في شؤون الحزب» دفع العديد من كبار الحزب للتحذير من مغبة «فتح الحزب لرياح التحقيقات القضائية». وفي مناورة بارعة ثانية اقترح فيون «بعد أن أعلن عدولــــه عن ترؤس الحزب» تكليف رئيس الحكــــومة السابق وأول رئيس للحزب مباشرة بعد تأسيسه في عهد شيراك «ألان جوبيه» قيادة الحزب مؤقتاً بانتظار إعادة فرز الأصوات. وهـــو ما رفضه كوبيه معتبراً أن نتيجة الانتخابات باتت معروفة وما على فيون سوى التوجه إلى لجنة الطعون الحزبية.
بعد ساعات من التردد عاد فريق كوبيه ليعلن قبوله بـ«تحكيم» جوبيه الذي كان قد شدد على أنه لا يقبل تولي أي مسؤولية أو القيام بأي مسعى إن لم يكن يحظى بتأييد من كلا المتنازعين. وقد وضع جوبيه شروطه بعد قبول المتنافسين: ضرورة أن يجتمعا معه يوم الأحد مساء، قبل أن تعيد لجنة الطعون، يوم الاثنين، حساب الأصوات «بحضوره» شرط أن يستقيل منها كل الذين أيدوا أياً من المرشحين.
هنا برزت المناورة الثالثة لفيون الذي أظهر قدرة لم يكن يحسب لها حساب فأعلن بعد دقائق قبوله بشروط جوبيه …وهو ما رفضه كوبيه ولجنة الطعون التي يتهمها الجميع بالانصياع لأوامر الرئيس الحالي المرشح والمتنافس على المركز فيون، خصوصاً وأن ٩ من أصل ١٥ عينهم …كوبيه.
إذاً إن خطر انشقاق الحزب أصبح واقعياً بعد هذه الدراما التي يساهم الإعلام الرقمي والكلاسيكي في نشرها، وهو ما دفع أعداداً متزايدة من المحازبين لإعادة بطاقاتهم الحزبية ممزقة …أو بيعها على أنترنيت. وبدأت موجة نزوح من الحزب: البعض المؤيد لكوبيه يذهب نحو زعيمة الجبهة الوطنية المتطرفة مارين لوبن التي طالما انتقدت الحزب وفتوره، وهو ما دفع كوبيه لتلوين خطابه بألوان شوفينية يمينية متطرفة ، وهو ما استفز «الديغوليين والشيراكيين» القدماء ودفع ببعض منهم لمغادرتة الحزب والالتحاق بحزب الوسط الجديد الذي أنشأه الوزير السابق جان لوي بورلو.