- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

إدوار هوبر خارج تصنيف المدارس الفنية

باريس – لورا فلانسيان
تقيم باريس في «غران باليه» معرضاً للفنان الأميركي إدوارد هوبر (١٨٨٢ ـ ١٩٦٧). هذا الفنان «الأميركي الصرف» لا يمكن تصنيفه بأي مدرسة فن. ذلك أن لوحاته تحمل إسقاط لحياته المتدثرة في طيات عميقة من نفسيته. ويمكن القول إن هذه الحياة الداخلية أوجدت وجسدت نظرته الشخصية للعالم. ويقول في كتاب «ريالتي» لا يمكن لأي اختراع أن يضاهي ما هو نوعية أساسية للفنان أي  المخيلة.  فالحياة الداخلية حسب وصفه  هي فضاء فسيح لا يمكن إشباعه فقط بصف ألوان جنباً إلى جنب.
تعلّم فنون الرسم في «مدرسة نيويورك للفن» على يد «روبرت هنري» صاحب مدرسة «الواقعية مستوحاة من الانطباعية». واندفع منذ عام ١٩٠٢ في تصوير أعمال تبرز عالم المسرح تمثلت فيها وجوه غريبة.
انتقل هوبر إلى باريس عام ١٩٠٦ وبقي حتى عام ١٩٠٩ وهناك أعجب بالمدارس الفنية الفرنسية الانطباعية (Impressionisme) التي كانت في أوجها آنذاك، فشغف بها. ولكنه لم يكتفي بـ«موضة مونبارناس» الانطباعية. فهو لاحق أيضاً أعمالاً كلاسيكية مثل «معالجة الضوء» في لوحات «رامبرانت».
الداخل إلى المعرض يرى أن تنظيمه جاء بتسلسل زمني لأعمال هوبر، وجاء حسب مرحلتين: الأولى هي مرحلة تعلم فن الرسم وبدايات تميز أسلوبه أي من (١٩٠٠ ـ ١٩٢٤). وقد تم عرض إلى جانب أعماله لوحات تعود إلى فنانين معاصرين لتلك الحقبة وبالطبع شكلت حسب رأي المنظمين مصدر وحي له. الحقبة الثانية خُصّص للسنوات اتي أعقبت بداية شهرته (١٩٢٥ ـ ١٩٦٦).
وهوبر لم يبع أي لوحة قبل العقد الرابع من عمره، إذ أن وحاته لم تلق اهتماماً لدى الهواة ما اضطرّه  إلى مزاولة الرسم الإعلامي التجاري في الصحافة. وعندما عرفته زوجته وهي فنانة أيضاً على غاليري  باع لأول كان عمره ٤٢ سنة ١٦ لوحة. ما دفعه لترك العمل الإعلاني، والتحق بمدرسة روبرت هنري في الولايات المتحدة صاحب مدرسة «أسلوب واقعي» مستوحى من الحياة اليومية للمدن الأميركية الكبرى. وعندما التحق بهذه المدرسة اتجه نحو الهذا الاسلوب وأشهر لوحاته كانت «مساء أزرق» (١٩١٣)  التي يعتبرها النقاد وداعاً لفرنسا التي أحبها حيث وضع فيها العديد من الإشارت لنا عاشه في فرنسا وما أعجبه من فن فيها.
وعمل هوبر في الحفر (١٩١٥ ـ ١٩٢٨) كما انطلق في الرسوم المائية وكان له نتاج كبير(بين ١٩٢٣ و١٩٣٧) تطرقت لمواضيع شتى. وبخلاف أعماله الزيتية لا تبرز أعماله المائية قوة التعبير المسرحي، وقد حملت أعماله الكثير من الأشكال الهندسية والوصف الصوري للمدن والأحياء والمناطق المهجورة، والشوارع والسيارات وأضواءها. ويرى النقاد في ذلك تأثير « الأبنية والهنسة وناطحات السحاب» التي عاشر تطورها وانطلاقة موجة بناءها. وقد رافق هوبر انطلاق صناعة السينما بحيث انعكس ذلك على أعماله بشكل مدهش فعدد كبير من لوحاته تحاكي بشكل مذهل «ديكورات استديوهات السينما».