- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

قراءة في انتخابات أطباء مصر

ألآن غريش
جرت في مصر الانتخابات للأطباء، وهي الأولى منذ الثورة، وهي لم تحصل منذ ١٩٩٢ التي شهدت انتصار الإخوان المسلمين في ظل مشاركة ضعيفة جداً. ورغم ذلك «جمَّد» النظام السابق هذه الانتخابات.
وقد فاجأت نتائج الانتخابات، التي جرت في تشرين الأول/أوكتوبر  في ٢٦ دائرة، المراقبين فقد سجلت «خسارة نسبية» للإخوان المسلمين أو كما عنونت «أخبار هيبدو»، الصادرة باللغة الفرنسية، فإن «ربح الإخوان كان نسبياً».
بالفعل فقد تواجه تياران، التيار الليبرالي المستقل والمتشكل من عدد لا بأس به من التوجهات، وتيار الإخوان المسلمين. وقد حصل المستقلون على ٦ مقاعد من أصل ٢٤ على الصعيد الوطني وأنهوا «سيطرة الإخوان الكاملة» على مصير الإدارة الوطنية.
أما على الصعيد المحلي، فإن التيار المستقل استطاع الحصول على أكثرية المقاعد في ١٤ نقابة محلية وحصل على أكثرية ١٦ مقعداً من أصل ١٤ في القاهرة و١٠ مقاعد من أصل ١٢ في اسكندرية، وكذلك في عدد من المحافظات في الصعيد، وخصوصاً في المنيا وبني سويف وأسيوط وسوهاج وقنا والأقصر وأسوان، وكذلك في مرسى مطروح والسويس والاسماعيلية وشمال سيناء، وذلك رغم «شعبية الإخوان المفترضة» في الاسكندرية والإسماعيلية. وهكذا حصد التيار المستقل ١٢ رئاسة نقابة محلية من أصل الـ ٢٧، مقابل حصول الإخوان على ٧٥ في المئة مقاعد الجمعية العمومية. وتم انتخاب محمد خيري عبد الدايم، المستقل ولكن المدعوم من الإخوان، رئيساً للنقابة العامة.
ويمكن تفسير هذا التناقض بين النتائج المحلية والنتائج على الصعيد العام بقدرة الإخوان على التنظيم على الصعيد الوطني بشكل عام، وبالمقابل يمكن اعتبار أن مشاركة الأطباء الشباب، وخصوصاً الأقباط، ساهم في رفع المستوى التمثيلي للأقباط. وفسر البروفسور في كلية الطب في جامعة عين شمس، خالد سمير، دور الصوت القبطي كما يلي: «بعد غياب أي دور للأقباط في السنوات العشرين الماضية، قرروا بعد الثورة المشاركة بشكل كامل في الحياة السياسية المصرية، وفي حين أنهم يمثلون ١٠ في المئة من سكان مصر، فإنهم يمثلون من ١٥ إلى ٣٠ في المئة من أطباء مصر حسب المنطقة وقد جاءت النتائج لتعكس هذا الوزن».
إلا أن عددا من مؤيدي الإخوان يفسر هذا التراجع النسبي بـ«مهادنة الإخوان للنظام خلال السنوات العشرين الماضية». ولفهم هذا التطور أود هنا أن أعود لمحادثة دارت بيني وبين طبيب شاب في ١١ أيار/مايو من هذه السنة:
محمد شفيق، طبيب في العقد الثالث من العمر، يضع نظارات حديدية مثل أي مثقف في العالم له نظرة يسارية للأحداث يتباهى بها، وهو لا يؤمن بقدرة الأحزاب ويفضل ترك الحركة الاجتماعية تأخذ مداها قبل التحرك، وهو رئيس نقابة أطباء مستشفى «منشية البكري» في القاهرة، رغم أنه بدأ العمل في هذا المستشفى منذ أشهر قليلة. ويقول «إن سجلات النقابة تشير إلى وجود ٢٢٠ ألف منتسب في السجلات، إلا أن هذا العدد يشمل الأموات وعددا لا يستهان به من المهاجرين. في السابق كانت قوانين الانتساب تشترط أن يكون الطبيب عضواً في الاتحاد الاشتراكي العربي الحزب الواحد السابق الذي اختفى منذ ١٩٧٠». وكان يدير هذه النقابة لمدة ٢٠ سنة رجلان، حمدي السيد، وكان عضوا في حزب مبارك، وعصام الأرياني من الإخوان المسلمين.
ويشرح الطبيب الشاب أنه قبل الثورة أراد عدد كبير من الأطباء التحرك بسبب ميزانية الصحة (٣،٥ في المئة) والمعاشات المنخفضة وأنه «حصل صدام بين فريقين: فريق الأطباء من دون حقوق والتحالف الموجود في الإدارة». ويتابع بأنه «بعد ٢٥ كانون الثاني/ يناير طالبنا في جمعية عمومية حل النقابة واستقالة وزير الصحة ورفع ميزانية الصحة إلى ١٥ في المئة». ويضيف «وربحنا المعركة ضد الذين يهادون وصوت عدد من المنتسبين إلى خط الإخوان المسلمين إلى جانبنا وقمنا بأول تظاهرة قطعت الطريق. ورغم هذا رفضت السلطات استقبالنا». ويشرح بأن ذلك قاد إلى «إضراب الأطباء» في ١٧ أيار/مايو حيث شارك ٩٠ في المئة من أطباء المحافظات و٦٠ في المئة أطباء القاهرة. ويضيف بأن «الضغوط زادت علينا ووصلت إلى حد التهديد بالمحاكم العسكرية». وبعد إنشاء عدد من الروابط بين العاصمة والمناطق «قبل رئيس الوزراء استقبالنا»، وهو ما قاد إلى وقف الإضراب رغم رغبة عدد من الأطباء بالذهاب بعيداً للحصول على حقوقهم وحماية صحة المصريين.
نتأمل هذه النتائج بانتظار نتائج عدد من انتخابات المهن الأخرى (صحافيون ومحامون إلخ…) التي سوف تحصل في الأسابيع القليلة المقبل.

Alain Gresh