- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

«حماس» والتحوّل المتأخّر

حسام كنفاني
لم يكن تحوّل حركة «حماس» في الفترة الأخيرة إلى صف ما بات يعرف «معسكر الاعتدال العربي» مفاجئاً بدرجة كبيرة لمن يتابع مسار الحركة منذ توليها السلطة في قطاع غزة في بداية 2006. الحركة اعتمدت مساراً براغماتياً عالي المستوى، إلا أنها لم تحظ بالقبول من الطرف الآخر ما جعل عملية تحولها منقوصة، إلى أن جاء الوقت المناسب اليوم.
منذ 2006 كانت «حماس» تصدر الإشارة تلو الأخرى بأنها على استعداد للتحول إلى حركة حاكمة تراعي المعايير الدولية والإقليمة لكن بثمن الاعتراف بشرعية سلطتها التي نالتها بالانتخابات. الأمر لم يحصل في ذلك الحين، بل على العكس، تمّ تجاهل النتائج الديموقراطية التي حققتها الحركة، وأصرّ الحكام العرب، في مرحلة ما قبل الربيع، إضافة إلى الدول الغربية، وبدرجة ما السلطة الفلسطينة، على إفشال تجربة الحكم الحمساوي، وعزل الحركة ومحاصرتها داخل قطاع غزّة مع أهله.
تلك الإجراءات ساهمت في بقاء الحركة في معسكر «الممانعين»، رغم بعض السياسات التي اتخذتها داخل القطاع، والتي كانت تسعى من خلالها إلى تثبيت حكمها. الفرصة لاحت لـ«حماس» مع الربيع العربي وبروز حكم «الإخوان المسلمين»، الذين تعد الحركة جزءاً منهم. التحولات الإقليمة طالت الحركة، فتتالت خطوات تكريس شرعيتها من مصر وتونس والمغرب، وخصوصاً قطر التي زار أميرها القطاع، وصولاً إلى العدوان الأخير والتفاهم الذي رعته القاهرة مدعومة من واشنطن والدول الغربية. رعاية أمّنت لـ«حماس» الاعتراف الدولي الذي كانت ترغب به من نحو ست سنوات، وسمح للحركة بالمجاهرة بالتغييرات التي ستطال خطتها السياسي، بدءاً من القبول، ولو مؤقتاً بدولة على حدود العام 1967، ودعم المقاومة الشعبية غير المسلحة.
«حماس» تغيرت، لا شك في ذلك، والأيام المقبلة ستعطي مزيداً من الإثباتات على هذا الأمر. لكن التغير الأساس هو في المحيط الإقليمي والدولي، الذي ساهم في تكريس التحوّل الحمساوي، الذي كان مستعداً للمساومة، غير أنه لم يجد الطرف المقابل.