- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

فلسطين: الدولة الواحدة هي الحل

نقطة على السطر
بسّام الطيارة
عندما ينطلق أي باحث علمي في تجارب يحاول قدر المستطاع أن يلتقط «النقطة التي تختلف عن غيرها من النقاط» وينطلق منها لمحاولة استشفاف نظرية عام تفسر هذا الاختلاف. ولكن يوجد سبيل آخر مبني على ملاحظة «تشابه تموضع النقاط» فيلفت ذلك نظر الباحث فيلاحق النقاط التي ترسم أو تتحرك أو تتفاعل حسب نمط موحد، فينطلق من هذه الماحظات ليبني نظرية عام.
بعد أيام قليلة على حصول فلسطين على اعتراف كـ«دولة عضو في الأمم المتحدة من دون أن تكون عضواً»، وإذا وضعنا جانباً الشق الفكاهي في المعالجة الألسنية لوضع سياسي غريب: فلسطين دولة وليست دولة، فإن ردة فعل إسرائيل كانت على مستوى غرابة هذه  الوضعية وكأن الدولة العبرية وقعت أيضاً في فخ «تكون ولا تكون». فعربدت بإقرار بناء ٣٠٠٠ وحدة سكنية في المنطقة E1 التي سبق لتل أبيب أن تعهدت لواشنطن بعدم البناء داخلها. تشديد واشنطن على «منع البناء في هذه المنطقة» هو لسبب بسيط أن البناء بين القدس الشرقية ومستعمرة «معالية أدونيم» يعني ببساطة تقسم الضفة الغربية إلى قطعتين من دون تواصل بينهما.
بسرعة هب العالم كله للتنديد بقرارت بنيامين نتانياهو. وهنا نلاحظ (علميا) أن ردات الفعل في كافة العواصم العالمية «متشابه» تأخذ نمطاً واحداً وتصب في هدف واحد هو : إن هذا القرار يعني نهاية مشروع دولتين. عجباً لاندفاع كل هذه العواصم التي ساندت إسرائيل بمخالفتها للقانون الدولي منذ كانت إسرائيل، والتي لم تحرك ساكناً منذ بداية استعمار أراضي الضفة الغربية والجولان وزرع المستوطنات بشكل جعل الضفة الغربية أشبه بكاريكاتور وطن موعود للفلسطينيين، والتي اليوم تتهيب غياب أفق لدولة فلسطينية، وتصرخ عالياً: هذا القرار يمنع قيام دولتين.
أي باحث علمي سوف يقف ويطرح على نفسه هذه السؤال: إذا كانت هذه الدول، التي دافعت عن إسرائيل رغم كل خرقها للقوانين الدولية والإنسانية، تدافع عن مبدأ دولتين، أليس لأن ذلك من مصلحة إسرائيل؟ ألم تنشأ حرك «جي ستيرت» (J. Street) في أميركا و«جي كول» (J.Call) في أوروبا لحماية إسرائيل خوفاً من ابتعاد هدف الدولتين بسبب تصرفات إسرائيل؟ ولم يتردد ناشطون من الجهر بأن إسرائيل «تركب رأسها برفضها التفاوض وببناء المستعمرات» بشكل يمنع قيام دولة فلسطينية وبالتالي يهدد مشروع الدولتين.
لا أحد يسأل العرب ماذا يريدون.
لا أحد يسأل الفلسطينيين ماذا يريدون؟
الكل يريد إنقاذ إسرائيل من نفسها.
هذه ملاحظة «علمية» مبنية على تصريحات كلينتون وبان كي مون وفابيوس وهيغ وكل محبي إسرائيل: جميعهم كانت ردة فعلهم متشابهة الخوف من غياب أفق دولتين، رغم هذا سعد بعض العرب بتلك الوقفة  واعتبروها «تنديداً بإسرائيل».
ولكن إذا سألنا العرب والفلسطينيين، لربما جاء الجواب بما لا يرضي هؤلاء. لربما جاء جواب العرب : نعم نريد دولة واحدة تتعايش فيها كل الديانات من عرب وإسرائيليين يخضعون لقوانين لا تمييز فيها.
لما لا؟
حليف هذا الطرح هي إسرائيل وحكامها. لنقل صراحة لم يعد هناك أرض لإعطائها للدولة العتيدة التي قبلت «عضوا من دون أن تكون عضواً» وباتت دولة من دون أرض. المستعمرات التي تسمى مستوطنات والطرق الإلتفافية تغطي ما يزيد عن ٥٥ في المئة من الضفة ناهيك عن غور الأردن.
إسرائيل تريد كل الأرض فلتأخذها. لن تستطيع أن «تتخلص» من ٤ ملايين فلسطيني. هؤلاء يستطيعوا أن ينتظروا.
أن ينتظروا نهاية التجربة التي نعرف (علمياً) رسم بيانها وما هو شكله.
هذه التجربة اسمها «أفريقيا الجنوبية».
مع الوقت، لن يبقى أراض لدولتين. سوف تكون هناك دولة واحدة. مع الوقت سوف تنتصر الديموقراطية، وينتصر شعار «إنسان = صوت».
إذا كفوا عن اللهاث وراء مفاوضات وانتظروا كما انتظر نلسون منديلا ٣٠ سنا وراء قضبان السجن، من دون سفر وترحال بين العواصم من دون سجاد أحمر وحرس شرف. فهو انتظر حتى جاءوا له بدولة معترف بها كما كان محتما بشكل «علمي».