- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

فلسطين … الدولة الرمزية

نجاة شرف الدين

لم ينتظر رئيس الوزراء الأسرائيلي بنيامين نتانياهو يوما واحدا على تصويت الجمعية العامة للأمم المتحدة على  فلسطين دولة بصفة مراقب ، ليأمر ببناء ثلاثة آلاف بيت إستيطاني جديد ، ويخطط لآلاف جديدة في الضفة الغربية وشرقي القدس ، كما تعتزم وزارة الداخلية الاسرائيلية ان تطلق مجددا مشروع بناء 1600 وحدة سكنية في رامات شلومو، الحي الاستيطاني في القدس الشرقية المحتلة ، والذي كانت دانته واشنطن في 2010، بحسب ما  اعلنت متحدثة باسم الوزارة.  وليقتطع مئة وعشرين مليون دولار من عائدات الضرائب الفلسطينية المستحقة للسلطة الفلسطينية.
وعلى الرغم من الإستياء الدولي الذي تم التعبير عنه من الأميركيين والأوروبيين ، والذي أبلغوه لسفراء إسرائيل في بريطانيا وفرنسا وإسبانيا والسويد والدانمرك وغيرها ، كما الموقف الذي عبر عنه الامين العام للامم المتحدة بان كي مون ، الذي إعتبر الخطوة الاسرائيلية ببناء وحدات سكنية إستيطانية جديدة ” ضربة قاضية ” لعملية السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين على أساس حل الدولتين ، إلا  أن هذا الإجراء لم يكن مفاجأ في توقيته ومضمونه ، كردة فعل على الإعتراف التاريخي الذي حصلت عليه فلسطين بعد إثنين وستين عاما ومن الامم المتحدة ، بغالبية مئة وثمانية وثلاثين صوتا ، ومعارضة تسعة وإمتناع واحد وأربعين عن التصويت .
هذه اللحظة الإعلامية والتي نقلتها وسائل الإعلام العالمية ، كما الفلسطينية التي إحتفلت بهذا الإنجاز الذي وصفته بالتاريخي ، لم تستطع أن تحجب الصورة في اليوم التالي ،والتي نقلتها وكالة الأسوشيتدبرس ،  لعامل فلسطيني يقوم ببناء المستوطنات اليهودية في معالي أدوميم في الضفة الغربية قرب القدس .
الصحافة الغربية والأميركية، التي إهتمت بهذا الحدث ، وتجاوز بمساحته  أخبار الربيع العربي في مصر وسوريا إعلاميا ، تراوحت تحليلاتها بين رمزية الخطوة بالنسبة لفلسطين ، كدولة بصفة مراقب ، وبين من إنتقد الموقف البريطاني بعدم التصويت”  بنعم ” لفلسطين ، من أجل التعبير عن موقف يتصالح تاريخيا مع هذه الدولة ،  التي دفعت ثمن وعد بلفور البريطاني ، وصولا الى محاولة إيضاح الموقف الأميركي ، وهو ما عبر عنه المبعوث السابق الأميركي لعملية السلام جورج ميتشل. وفي مقابلة له مع قناة msnbc الأميركية عندما قال ” إسرائيل لديها دولة ناجحة ولكن غير آمنة ، وتريد الأمن ، والفلسطينيون ليس لديهم دولة ويريدون دولة ، ولكن لا أحد يحصل على ما يريد إذا لم يحصل الآخر أيضا على ما يريد ” .

فلسطين دولة في الجمعية العامة بصفة مراقب ، وإسرائيل لم تتوقف عن بناء المستوطنات حتى في لحظات المفاوضات ، والطلب الأميركي بتجميد بناء المستوطنات ، كما فعلت أثناء بناء الجدار العازل الذي أصبح واقعا ،  والواقع الجغرافي والديمغرافي هو الذي يحدد حدود وعاصمة الدولة ، فهل ستكون هذه الخطوة إنتصارا إعلاميا ورمزيا ؟ أم تتحول إلى واقع حقيقي ، ولو بعد أكثر من ستين عاما ، وبحدود معترف بها دوليا وعاصمتها القدس ؟