- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

مدونو تونس… جمعتهم الثورة وفرّقتهم الانتخابات

بروكسل ــ “أخبار بووم”
شباب مدونون غزوا الشبكة العنكبوتية للانترنت، وتحدوا غشاء الحجب، قهروا حصون المنع والرقابة، نددوا، تجندوا، واعتصموا في ميادين الفايسبوك، سلاحهم؟ التدوين، “الكلمة” أو “الحرب الكلامية”، التي قال عنها اينشتاين أنها أخطر بكثير من القنبلة النووية.
شباب جمعتهم شرارة الثورة التونسية وقهر بن علي وكرامة المواطن التونسي الذي طعن فيها، ربما يكون هؤلاء الشباب من الطبقة الراقية في تونس، ربما لم يعرفوا حتى معنى معاناة الحياة اليومية، ربما ظروفهم المعيشية السهلة مهّدت لهم طريقهم إلى الأمام، ربما وربما… مهما يكن، فهم قبل كل شيء تونسيون، شاب وثلاث فتيات لم يتوانوا للحظة واحدة في نقل الصور الحقيقية للتظاهرات والانتفاضات التونسية ليكتشفها العالم برمته.
صور وفيديوهات وشهادات في ميادين الاحتجاجات، نبض ثورة تونس كان يجسها هؤلاء الشباب بين لحظة وأخرى ويسردون وقائعها، هؤلاء المدونون كانوا نشطاء على الشبكة حتى قبل ثورة الياسمين، بين سنوات 2005 و2007، فالرقابة والحجب التي أقامها بن علي كسياسة قمعية للحفاظ على ديمومة حكمه جعلت من الشباب التونسي يختنق من عوادم الحرية والتصرفات البوليسية والانتهاكات والسرقات وسياسة السطو والنهب التي انتهجتها عائلة بن علي والطرابلسية. وحتى أن البعض منهم تعرض، خلال حقبة بن علي، إلى ضغوط وتخويفات، والبعض الآخر تم توقيفه واحتجازه.
نجحت الثورة التونسية وبن علي هرب، لكن المدونين لم يتوقفوا عن التدوين، ذاع صيتهم بين الشباب وحاز بعضهم على العديد من الجوائز والتكريمات حتى أن أحد الشباب تم تعيينه في منصب أمين دولة للشبيبة في الحكومة المؤقتة، إلا أن ذلك لم يدم طويلاً، فقد اتضح لهذا الشاب أن تعيينه كان مجرد مناورة من قبل أطراف النظام السابق لاسترضاء المدونين التونسيين الشباب، فلم يمكث طويلا ليستقيل من منصبه بعد أربعة أشهر من تعيينه ويواصل المدونون، عبر الشبكة،  التنديد والاستنكار لانحرافات الحكومة المؤقتة.
وجاء ميعاد انتخابات المجلس التأسيسي، واختلف المدونون في ما بينهم، وسلكوا دروباً مختلفة، وامتزجت أحاسيسهم بين التفاؤل والتشاؤم والخوف من سرقة الثورة واستعمالها لأغراض سياسية معينة. فريق كان مؤيداً للذهاب إلى صناديق الاقتراع والخوض في المعركة السياسية والتعامل مع جميع الأطراف السياسية دون تهميش، لكن البعض الآخر رأى أن تواجد عناصر النظام السابق يحبط كل مشروع نحو ديموقراطية فعلية، فريق ثان دعا إلى  مقاطعتها تماماً ورأى فيها أن بعض الجهات السياسية تتستر برداء الديموقراطية وتخفي قناعها المتطرف، وفريق ثالث اقترح أن يبقى مجرد مراقب ليتتبع هذا التحول الديموقراطي في تونس.
جو الانتخابات سادته تباينات في آراء وتوجهات المدونين، بعدما جمعتهم الثورة يدا واحدة، والأمر طبيعي، لأن وجود هذا الاختلاف دليل على الصحوة السياسية لهؤلاء الشباب في ممارسة “اللعبة الديمقراطية”.