- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

التطرف الإسلامي في سوريا يأكل أبناء الثورة

القاهرة ــ رغدة العزيزي

قامت الثورة السورية للمطالبة بالحرية والديمقراطية وتحقيق العدالة الاجتماعية، حيث أرهقت الدماء واعتقل الآلاف وهجر الكثير إلى الدول المجاورة هربا من بطش النظام السوري. كل هذا كان ثمنا للحرية ليس إلا، لكن الحراك الشعبي تعقد بدخول جهات عديدة خارجية على خط الحراك. فلم يعد قرار الشعب السوري في رسم مصيره قراراً حراً أو داخلياً، كما يقول البعض، بل صارت سوريا ساحة لمعركة النيات والمصالح، كما دخل إليها فكر جديد لم يكن يلاقي أرضاً خصبة له لدى المجتمع السوري، هو الفكر الجهادي والفكر التكفيري.

ولا ننسى جهود النظام في  بث الشائعات التي تروج للتباين الطائفي وخلق الحساسيات وتصنيف الحراك بحسب تصنيفات طائفية بين موالاة ومعارضة، وهذا من العوامل التي أدت إلى إحــجام بعض الفئات من المجتمع السوري عن الالتحاق في صفوف الثورة. فبعد أن كانت الشعارات في البداية من قبيل: «واحد واحد واحد»، «الشعب السوري واحد»، أو «الله سورية حرية وبس»، صرنا نقرأ ونسمع ترداد بعض الشعارات مثل: «الله سورية إسلام وبس»، عدا ظهور الرايات السوداء ورموز أخرى لـ«القاعدة». هذا ما يجعلنا نشاهد انحراف الثورة عن مسارها الذي كانت عليه في البداية. فعلى سبيل المثال لا الحصر تمارس جبهة النصرة، إحدى الكتائب المسلحة، قمعها لمن يخالف أمرها ضاربة بعرض الحائط أخلاقيات الثورة والثوار، ولأنها تؤدي دورا محوريا في إدارة غرفة العمليات ودفة الغارات العسكرية، فأنها تفرض أجندتها وشروطها على بقية المقاتلين إضافة إلى محاسبة وتصفية كل من يريد إلقاء السلاح أو الانشقاق عنها.

إلا أن بعض الناشطين يبدون تقبلهم لمثل هذه الحركات ويعود هذا إلى عدم تجاوب المجتمع الدولي وانكفائه في مساعدة الشعب السوري في وقت كان هؤلاء” المقاتلون” يمدون الثوار بالمال والسلاح اللازمين لمقاومة جيش الأسد بل وحماية المدنيين في المناطق التي يسيطرون عليها وبعث الأمان فيها. والجدير بالذكر أن رئيس المجلس الوطني السابق باسط سيدا عزا التطرف الحاصل إلى نقص الدعم الدولي. إلا أننا نلاحظ أن هذا الدعم يتفق عندما تكون المسائل متعلقة بأجندات تخص دولاً إسلامية متطرفة مثل السعودية وقطر، حيث أن مثل هذه التنظيمات تخدم مشروع إسلامي سني سلفي متشدد، يتصدى للمد الشيعي الذي شهده المجتمع السوري منذ عشر سنوات سابقة في بناء الحسينيات والفاطميات، بل وتوسيع مقام السيدة زينب وشراء آلاف الدنمات من الأراضي حول المقام.

صراع القوى المتناحرة خلق قوى تلبي طموحات بلدان لم تكن يوما تحلم لسوريا بمستقبل مشرق. وهذا ما ساهم في انكفاء بعض الصامتين، وعدم مشاركتهم بالحراك، بل إن قسماً منهم شعر بالهلع ولاذ بالنظام على أنه الضامن لحقه في الحياة والوطن.