- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

سوريا …صومال ثانية

نجاة شرف الدين

عندما سأل الصحافي  فريد زكريا وزير الخارجية الأسبق جيمس بيكر عن سوريا في برنامجه على شبكة ” سي . أن. أن”  ، أجاب بيكر  بأن على الإدارة الأميركية ألا تتورط عسكريا لأنها ستكون ” حالة من الفوضى والخراب الدموي ” إنما عليها المساعدة والدعم لوجستيا في السلاح  وغيرها ولكن ليس التورط مباشرة . وفي المحصلة فإن الرئيس الأسد سيذهب ولن يستطيع أن يبقى رئيساً .

هذا الموقف الذي عبر عنه وزير خارجية سابق يختصر الموقف الأميركي المتكرر ، والذي تنقله وسائل الإعلام العربية والغربية ، بعدم التدخل مباشرة عسكريا ، والتخوف من المساعدة العسكرية التي يمكن أن تصل الى قوى وتيارات أصولية مرتبطة بالقاعدة ، إضافة الى الدعوة الى توحيد صفوف المعارضة السورية السياسية والعسكرية .
المشهد السوري وعلى رغم محافظته ميدانيا على المعارك المستمرة وفي أكثر من منطقة ، إلا أن تغييرا سياسيا وعسكريا ، دفع العديد من المحللين والكتاب ، يبشرون ببداية نور في النفق السوري المظلم ، وهو ما ظهرت مؤشراته من خلال الإجتماعات الأميركية الروسية ، إن على مستوى وزيري الخارجية هيلاري كلينتون وسيرغي لافروف وبحضور المبعوث الأممي الأخضر الإبراهيمي في دبلن، وما تبعه من لقاء خاص على مستوى نواب وزراء  الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف والأمريكي وليام بيرنز  والخبراء في جنيف ، وهو ما أعلن بعده الإبراهيمي عن توافق أميركي روسي على حل سياسي وأنه يجب أن يكون بناء على إتفاق جنيف في حزيران الماضي، إلا أن الوزير الروسي أكد أن الأولوية لوقف القتال وليس بحث مصير الأسد .
هذه التطورات السياسية والتي سبقتها تطورات سياسية وعسكرية على خط المعارضة السورية ، بدأ من توحيد المعارضين تحت سقف الإئتلاف الوطني ، وتشكيل قيادة المجلس العسكري الجديد برئاسة  العميد سليم إدريس وإبعاد رياض الأسعد ، إعتبرها العديد من المراقبين ، أنها تشكل نقطة تحول في مسار الأزمة السورية المستمرة منذ سنتين ، ولو أن البعض رأى  أنه من المبكر الحديث عن حل قبيل وصول وزير الخارجية الأميركي الجديد في العام المقبل ومغادرة كلينتون ، ووضوح الأفكار للحل في ظل وجود مجموعة سيناريوهات لم يتم إعتماد واحد منها بعد ، وأيضاً عدم نضوج التسوية السياسية عربيا وغربيا ، لتداخل هذه المواقف والمصالح .
ربما يمكن قراءة ما يحصل من حراك سياسي وعسكري في إتجاه  إنجاز حل ما ، إلا أن الخوف لا يزال قائما من مجموعة أوراق ومؤشرات ، إنطلاقا من تحليلات أميركية تعتبر ، أن الإدارة الأميركية للرئيس أوباما ربما لا تمانع قيام دولة علوية في الساحل الشرقي لسوريا وبدعم روسي و إيراني  ، بدل أن يتم إبتلاع العلويين في بحر من السنة في حال تم إستيلاءهم على السلطة ، وبالتالي فإن هاجس التقسيم لا يزال مطروحا على الطاولة ، إضافة الى تسويات في أحسن نتائجها ستكون على الطريقة العراقية أو اللبنانية .
في أي حال ، سوريا المدمرة والمقسمة دخلت في نفق التسوية الطويل ، ربما تصل الى ضوء في آخر النفق ، ولكن الخوف وحتى ذلك الوقت ،  أن تكون سوريا صومال ثانية … ولكن في الشرق الأوسط …