باريس – بسّام الطيارة
لم تتوصل دول منطقة اليورو إلى اتفاق يوم الأحد، فهل تنجح اليوم الأربعاء؟
مهما تكن الصعوبات، يدرك زعماء منطقة اليورو ضرورة إيجاد حل يوقف انتقال عدوى ازمة المديونية من الدول التي تزعزعت اقتصادياتها (إيطاليا وإسبانيا والبرتغال واليونان) إلى الدول التي تحاول أن تحافظ على علامات جيدة لتقييم ملائة ديونها (فرنسا بشكل خاص).
ترتكز الصعوبات في المرحلة الحالية في شقين؛ الأول هو التوافق مع إيطاليا على شروط وقواعد خفض عجزها. أما الشق الثاني فينحصر في المفاوضات مع المصارف لتتحمل حصتها «من خسائر لا بد منها». وسوف تدور أنظار العالم إلى اجتماع قادة الدول والحكومات في الاتحاد النقدي الاوروبي في بروكسل، الذي سيفتتح مساء الأربعاء، بعد قمة تجمع كل بلدان الاتحاد الاوروبي .
لقد صاغت القمة الاولى، الاحد، خطة للخروج من الازمة، الا ان العقبات لا تزال كثيرة وتعيق اعلان تدابير حاسمة.
وعلى الاوروبيين الدفع نحو استقرار اليونان من خلال المساهمة بشكل أكبر في القطاع المالي الذي تعرض لخسائر بحدود ٢١ في المئة بسبب شطب جزء من الديون اليونانية، وهو ما يبدو غير كاف اطلاقا، ما يمكن أن يشير إلى خسائر آتية. وهو التفسير الوحيد لنداء رئيس الوزراء اليوناني جورج باباندريو للمصارف للمساهمة في حل ازمة المديونية، مشيرا إلى أن اليونان تنتظر “الخلاص” من قمة بروكسل، مشدداً على أن على اوروبا “تحمل مسؤولياتها في معركة صعبة”.
وذكر مصدر مقرب من المفاوضات الجارية لـ”أخبار بووم” أن المصارف تقترح تخفيضا طوعياً لديون اليونان بنسبة ٤٠ في المئة، بينما تطالب المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل بسقف للتخفيض يكون بين الـ ٥٠ والـ ٦٠ في المئة، وهي نسبة تعتبرها ألمانيا ضرورية كي تظل الديون اليونانية قابلة للسداد والتداول.
وبالطبع، فإن المصارف تشدد عل أن القبول بهذه المعدلات يعرض ملائتها للخطر، وتدعمها في ذلك باريس، نظراً لارتباطات مصارفها بالديون اليونانية، ما يمكن أن يجعلها عرضة لخطر تراجع قيمة أسهمها وبالتالي معرضة لتخفيض علامات ملائتها.
وبالمقابل، على القادة الاوروبيين تفادي بأي ثمن انتقال الازمة إلى بلدان اخرى، وتقترح فرنسا زيادة حجم الصندوق الاوروبي للاستقرار المالي من ٤٤٠ مليار يورو إلى ما لا نهاية، عبر السماح له بسحوبات شبيهة بسحوبات المصارف المركزية بشكل يردع المضاربين ويسمح للصندوق بشراء المديونية. وترفض برلين هذا الطرح. ويمكن أن تقود المفاوضات إلى حلول وسطية كأن يتصرف الصندوق الاوروبي للاستقرار المالي كضامن للديون المترتبة على الدول المتعثرة إقتصاديا. ويقضي حل آخر بفتح باب المساهمات في الصندوق الاوروبي للاستقرار المالي لجذب استثمارات من القطاعين العام والخاص من خارج منطقة اليورو. والمطلوب حسب الخبراء ما بين الـ«ألف و١٣٠٠ مليار يورو» لطمأنة الأسواق وسحب بساط الأزمة من تحت أقدام الدول المهددة وإبعاد شبح تخفيض الدول الأخرى. إلا أن المهمة الرئيسية للصندوق الاوروبي للاستقرار المالي هي العمل بشكل وقائي لتجنب انتقال أزمة المديونية بشكل كرة ثلجية من دولة إلى أخرى.
وفي هذا السياق، فإن كل الحلول تظل جامدة في حال لم ينجح رئيس الوزراء الايطالي سيلفيو برلوسكوني بتمرير عدد من الإصلاحات البنيوية لانعاش النمو وتقليص المديونية في بلاده. إذ أنه اصطدم لدى عودته إلى روما بمعارضة خليفه السياسي الأول «رابطة الشمال»، ويبدو حتى الساعة أن المفاوضات تمر في طريق مسدود.
وفي حال عاد برلوسكوني إلى بروكسل من دون أي خطوة لطمأنة شركائه والاسواق، فإن ارتفاع معدلات الفوائد للديون الإيطالية سوف يجعلها غير قابلة للسداد، حتى ولو تم اللجوء إلى الصندوق الاوروبي للاستقرار المالي، إذ ستكون قدرة الصندوق غير كافية، ما قد يجبر البنك المركزي الاوروبي على الاستمرار بشراء الديون الايطالية للعب. وهذا ما ينعكس دائما على مجمل اقتصاديات منطقة اليورو.
وهنا يدخل عامل السياسات الداخلية لعدد من البلدان خصوصاً ألمانيا التي تحتم قوانينها موافقة النواب على أي تعديل لسياسة صندوق الاوروبي للاستقرار المالي، بينما بدأ مستوى التململ يرتفع في الأوساط السياسية الفرنسية التي ترى في التصرف الألماني رغبة «بكسر المصارف الفرنسية» وتدفيعها ثمن «أرباحها السابقة في سوق المديونيات». وهو ما دفع رئيس الوزراء الفرنسي فرنسوا فبيون للقول إن فشل قمة منطقة اليورو في بروكسل “قد يدفع القارة الاوروبية إلى المجهول”.