الرئيس الأمريكي باراك حسين أوباما قال بالتزامن مع وصول الوفود إلى مراكش للقاء الرابع لأصدقاء الشعب السوري إن بلاده «اتخذت قرارا بأن ائتلاف المعارضة السورية شامل الآن بما يكفي، ويعكس ويمثل بدرجة كافية الشعب السوري». وأضاف «نحن نعتبرهم الممثل الشرعي للشعب السوري في مواجهة نظام الأسد».
كل التعليقات والتصريحات تشير إلى أن إعلاناً سوف يصدر عن هذا اللقاء يشير إلى اعتراف دول غربية وعربية متعاطفة مع الانتفاضة ضد الرئيس السوري بشار الأسد باعتبارها الممثل الشرعي «الوحيد» للشعب السوري الأمر الذي يعكس تزايد التوافق على أن الصراع المستمر منذ 20 شهرا ربما يقترب من لحظة الحسم.
فرنسا كانت أول دولة تعترف بالائتلاف ممثلاً شرعيا للشعب السوري ولكنها ترددت عن وصفه بالممثل «الوحيد» وكذلك فعلت بريطانيا والاتحاد الأوروبي. بينما لم تشدد تركيا ودول مجلس التعاون الخليجي على «التصنيف» حيث أن العلاقات مع النظام القائم في سوريا شبه مقطوعة.
فيما كان الجميع يسلط الأضواء على نتائج هذه الاعترافات على تسليح المعارضة خطت فرنسا خطوة إضافية واتخذت قراراً مرّ من دون أن يلفت النظر يشير إلى أن «مجمل المساعدات التي تقدمها إلى اللاجئين السوريين في دول الجوار» سوف يتم تحويلها إلى الائتلاف.
«برس نت» سألت الناطق الرسمي لوزارة الخارجية الفرنسية «فيليب لاليو» (Philippe Lalliot) حول النتائج المترتبة على مثل هذا القرار خصوصاً بالنسبة للبنان، وما إذا لم يكن هذا القرار يتعارض مع «دعم باريس لسياسة النأي بالنفس» التي تتبعها الحكومة الفرنسية.
الجواب بالطبع جاء غير مباشر وعلى دفعتين، إذ بعد أن أثنى لاليو على جهود السلطات اللبنانية «خصوصاً في الأسابيع الأخيرة»، ودعا كافة اللبنانيين «لمقاومة محاولات بشار الأسد المكررة لتصدير الأزمة» شدد النطق ياسم «الكي دورسيه» على أن «على اللبنانيين أن يدركوا أن هذا الصراع ليس صراعهم».
بالنسبة للمساعدات قال لاليو بأنها «تخضع لنقاشات مع السلطات اللبنانية»، واستدرك تصريحه السابق بقوله «إلا أن قسم من هذه المساعدات ما زال يمر عبر المنظمات الإنسانية مثل كاريتاس» إلا أنه شدد على أن «القسم الأكبر بات يمر عبر الائتلاف الوطني السوري».
وكانت المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة قد قدرت قبل ساعات عدد اللاجئين السوريين بأكثر من نصف مليون لاجئ إما أو في انتظار تسجيلهم في دول المنطقة.
وقالت المفوضية إن لبنان يستضيف الآن 154387 لاجئاً سورياً مسجلا فروا من الصراع الدائر ببلادهم، بالإضافة إلى ذلك قالت المفوضية إن من المتوقع أن يكون مئات الآلاف من السوريين قد عبروا الحدود إلى دول بالمنطقة لكنهم لم يتقدموا لتسجيل أسمائهم كلاجئين والحصول على مساعدات بينهم عشرات الآلاف في لبنان.
يدرك جميع المراقبون أن «معنى القرار» الفرنسي في حال تم تطبيقه على الأرض اللبنانية هو «إجبار الحكومة اللبنانية» على التعاطي بشكل رسمي مع الائتلاف المعارض وهو ما يعرض «التوازن السياسي المتوتر أصلاً» إلى خطر الانهيار وما يعني ذلك من انعكاسات على الأمن السلمي في البلاد، وهو ما يناقض بقوة دعوة فرنسوا هولاند السلطات اللبنانية إلى المحافظة على سياسة النأي بالنفس عن الصراع السوري.
يقول مصدر مقرب من الملف السوري أن هذه الخطوة تأتي كمقدمة لاعتراف «رسمي» بالائتلاف كممثل شرعي ووحيد «مع ما يترتب على ذلك» من تسليم السفارة السورية في العاصمة لـ«السفير» منذر ماخوس الذي اعترف الناطق الرسمي لاليون أنه «بات المحاور الوحيد» للسلطات الفرنسية.
هل تشير هذه التطورات إلى اقتراب ساعة الحسم؟ من الأرجح أن هذه الخطوات التي وصفها خبير مقرب جداً من هذا الملف بـ«الحاسمة» تدل إن لزم الأمر على أن إذا حسم وجد فهو حسم في المواقف أي بات مطلوباً من كافة الحكومات في المنطقة وخارج المنطقة أن تعلن موقفها من النزاع في سوريا «مع أو ضد النظام» بالطبع مع استثناء لروسيا وإيران وفنزويلا تلك الدول التي لا تخفي دعمها للنظام بشكل صريح. إلا أن هذا التوجه «الحاسم» يمكن أن ينعكس بنتائج «دراماتيكية» بدرجة مخففة على الأردن ولكن بشكل كبير على العراق الذي بات مطلوباً منه إقفال حدوده على النظام السورية ولبنان الذي عليه أن يترك جانباً سياسة النأي بالنفس ويختار بين شرين الخروج عن الإجماع الدولي والعربي وما يعني ذلك من تفاقم أزماته الاقتصادية والسياسية أو الخروج من توازن المواقف بين المعارضة والنظام السوري وما يعني ذلك من صراع داخلي لا مفر منه.