- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

عشر سنوات على 11 أيلول: هكذا تغيّر المشهد العربي

حسام كنفاني:

عشر سنوات مرت على اعتداءات 11 أيلول في نيويرك وواشنطن. عشر سنوات كانت كفيلة بإحداث جملة من التغيرات في العالم لا تزال مفاعيلها قائمة إلى اليوم. ولعل العالم العربي كان الطرف الأبرز الذي تأثر بالتغيرات، على اعتبار أنه كان المستهدف الأبرز في حملة “الحرب على الإرهاب”، وهي الصفة التي كانت ولا تزال تلاحق المسلمين أينما حلّوا.

جورج بوش

جورج بوش

خلال عشر سنوات، أو تسعة، كانت عناوين التعاون بين الولايات المتحدة والدول العربية هي كيفية مكافحة الإرهاب، وملاحقة الأشخاص الملاحقين بشبهات التطرف، وهم كانوا كثراً في الفترة الماضية، حتى أن القوائم السوداء الأميركية غصت بأسماء وأسماء، ولا تزال، بأشخاص على صلة بتنظيم “القاعدة”، أو قد يكونوا على اتصال بهذا التنظيم العالمي.

غير أن الوضع بدأ يأخذ منحى التغير في الفترة الأخيرة، ولا سيما بعد انفجار الثورات العربية، التي أعطت بعداً جديداً للحركة العربية والإسلامية. فبعدما كان تنظيم “القاعدة” يمثل المدافع عن حالة الإحباط التي تعتري الشارع العربي، جاءت الانتفاضات الشعبية لتشير إلى أن هناك خيارات أخرى من الممكن اللجوء إليها لتنفيس حالة الغضب في وجه الحكم الظالم أو في مواجهة السياسات المعادية.

الانتفاضات الشعبية، التي حققت نجاحات في تونس ومصر وليبيا، وفي طريقها إلى ذلك في اليمن وسوريا، مثّلت خسارة كبيرة للإسلام المتطرف، إذ أظهرت أن هناك خياراً بديلاً لعناوين المواجهة التي رفعها تنظيم “القاعدة”، وطبقها في أكثر من مكان. ولعل التحولات التي تشهدها تونس ومصر على وجه الخصوص توحي بأن هناك معادلة جديدة في طريقها إلى الظهور. معادلة لن يكون التطرف ظاهراً في أي من أطرافها، بل الاعتدال سيكون سمتها الأبرز.

لا أحد يمكن أن يجادل في أن الانتفاضات الشعبية شكلت، في وجه من أوجهها، نهاية لتنظيم “القاعدة”. نهاية قد تكون مؤقتة، لكنها قد تدوم لخمس سنوات على الأقل، إلى أن يجري تجريب الشكل الجديد الذي تستولده الحالة الشعبية الجديدة. شكل ستكون حركات الاسلام المعتدل أو الوسطي في صدارة مشهده السياسي، متخذة من تركيا نموذجاً للتعاون بين الجيش والحركة الإسلامية المعتدل، على غرار حزب العدالة والتنمية. وهناك من يشير إلى إمكان اعتماد النموذج الباكستاني، القائم أيضاً على الحكم المشترك بين الجيش والحركات الإسلامية الضالعة في “مكافحة الإرهاب”.

وبغض النظر عن الأشكال المتوقعة، إلا أنها بالتأكيد ستمثل عنصراً جاذباً للكثير من العرب والمسليمن، الباحثين عن عمليات تنفيس الاحتقان، ولو مؤقتاً. وبالتالي ستشكل حالة طرد للعناوين والشعارات التي رفعها التطرف خلال السنوات العشرة الماضية.

الكثير تغير خلال السنوات التالية لسقوط برجي مركز التجارة العالمي في منهاتن، غير أن كل محاولات الولايات المتحدة لاحتواء “الإرهاب” لم توت نفعها، وحدها حركة الشعب العربي التي ظهرت في السنة الأخيرة، ستكون لها الكلمة الفصل في تشكيل مشهد جديد مختلف.