باريس – بسّام الطيارة
ما زال المبعوث الدولي العربي الأخضر الإبراهيمي في القاهرة والمصادر المقربة منه تقول «سيزور سوريا خلال الأيام القليلة المقبلة» وأنه من المتوقع أن يلتقي الرئيس بشار الأسد وبعض فصائل المعارضة. التبرير «المعلن» لتأخر الزيارة هو «عدم تحديد موعد» من قبل مسؤولي النظام السوري، أما التبريرات «المسربة» فهي «لا إعلان عن موعد الزيارة لأسباب أمنية».
مسؤول أوروبي متابع لنشاط الابراهيمي وتواصله مع أركان النظام السوري كشف لـ«برس نت» أن التبريرات المعلنة والمسربة «فيها بعض من الحقيقة» وتابع يقول «ولكنها لا تشكل سوى جزءاً يسيراً من هذه الحقيقة».
في الواقع إن هذا التأخير هو لأسباب سياسية محطة وإن وُجِد حيز للأسباب الأمنية. ويقول المصدر إن عدم تحديد موعد من قبل السوريين ليس مرده إلى «الرغبة بإزلال الابراهيمي» كما يشاع اليوم وكما أشيع قبل الزيارة السابقة حين انتظر الابراهيمي أربعة أيام قبل حصوله على لقاء مع بشار الأسد.
ويتابع المصدر المطلع على جزء من المشاورات بين السوريين وفريق الإبراهيمي: «القاسم المشترك بين الزيارة المرتقبة والزيارة السابقة هو ما يطلبه السوريون». ويتوسع بالشرح مستنداً على «مطالب ؤأسئلة محددة سورية يصعب على الابراهيمي سوق إجابة ولو مبدأية لها ».
ونقل المصدر عن السوريين قولهم للإبراهيمي في سياق التواصل الممهد للزيارة «إن كانت المبادرة التي يحملها تدور /فقط/ حول سبل تنحي الأسد وآلية تشكيل الحكومة المؤقتة، فلا داعي لها»، ويذكر محاورو المبعوث الدولي من قبل النظام السوري بـ«طلب محدد قدم في الجولة السابقة» ويدور حول «شمولية المبادرة». ويسترسل المصدر في شرح المطلب السوري فيقول «الشمولية من وجهة نظر حكام دمشق تتضمن وقف القتال» ويضيف إن وقف القتال بالنسبة لبشار يشمل «حصول الابراهيمي على تعهد بوقف تسليح المعارضة».
مصدر أوربي آخر يعلق على هذه المعلومات بالقول إن المبعوث الدولي لا يحمل إلا «ما أدخله الروس والأميركيون في إطار توافقهم على تفسير اتفاق جنيف»، ويتابع أنه في حين «يفسر الأميركيون الاتفاق بأن الوصول إلى حل لمسألة الحكومة المؤقتة وسحب سلطات الأسد يقود تلقائياً إلى وقف إطلاق النار» وهو ما يبدو أن الروس «اقتنعوا به» على اعتبار أن الغرب لا يسلح المعارضة و«يكفي التنديد إعلامياً بتسليح قطر والسعودية للمعارضة» على اعتبار أن مجرد قبول دمشق للمبادرة التي يحملها الابراهيمي فإن واشنطن سوف تضغط على قطر والسعودية لوقف التسليح.
إلا أن الأسد رفض هذا التفسير في أول لقاء مع الابراهيمي ومن المؤكد أنه سوف يبظل متشبثاً بطلب وقف تسليح المعارضة، خصوصاً بعد التقدم الذي أحرزته المعارضة المسلحة على الأرض في الشمال وفي محيط العاصمة وحول مدينة حماة. وهذه الانتصارات وإن كانت محدودة من وجهة نظر عسكرية إذ أن المدن الكبرى ما زالت خارج سيطرتها وإمساكها بالقرى والدساكر معرض لهجمات معاكسة، إلا أنها انتصارات لها مغزى سياسي قوي في إطار التفاوض على «التخلص من الأسد» حسب ما يطالب به كل أركان المعارضة.
ويقول المصدر المقرب من المفاوضات إن موسكو أدركت مؤخراً لولبية مسألة «تنحي الأسد» في عرقلة مبادرة المبعوث الدولي وهذا ما يفسر حديث لافروف في أعقاب ختام قمة «روسيا – الاتحاد الأوروبي»، وكشفه على أنه «دائما ما يسمع المطلب نفسه» أي رحيل الأسد ردا على دعوات روسيا حول وقف القتال والجلوس إلى مائدة المباحثات من دون شروط مسبقة. وأضاف منتقداً وضع هذا الشرط «بالنسبة لمن يطرح مثل هذا الطلب فإن رأس الرئيس السوري أهم من إنقاذ حياة المدنيين». وفي سياق نفى نية بلاده استضافة الأسد أو توفير ملاذ آمن له قال «لقد توجه عدد من بلدان المنطقة إلينا كي نقول للأسد إننا على استعداد لاستضافته» وتابع كنا نجيب: «وما علاقتنا نحن بذلك؟» وأنهى بالقول «الأسد لن يذهب إلى أي مكان أيا كان القائل سواء الصين أو روسيا».
في انتظار «حلحلة عقدة ذهاب الأسد» فإن القتال مستمر وأعداد القتلى في ارتفاع متزايد يومياً والمبعوث الأممي العربي الأخضر الإبراهيمي ينتظر تحديد موعد، بينما مسؤولي الأمم المتحدة عن أمنه يتدارسون أفضل طرق الوصول إلى دمشق …عندما يأتي الضوء الأخضر.