- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

لا حل في سوريا

وسيم نصر

طال الصراع في سوريا ولى شتاء و جاء شتاء آخر و ما زال المتصارعون يتناتشون الجسد السوري الذي بات جثة هامدة متقطعة الأوصال. الأسد لن يتراجع و حتى إن أراد، لأن الصراع طال و الدم سال و بات لا مكان للحلول الوسط و كذلك الأمر بالنسبة للمعارضة المسلحة. أُحدد و أقول المعارضة المسلحة لأن القرار بيدها و بيدها وحدها، فلا قدرة للمعارضة السياسية خارج البلاد أن تفرض رأيها أو قراراتها على مقاتلي الداخل الذين يبذلون التضحيات و يتكبدون الخسائر الفادحة منذ أكثر من سنتين. الأسد في موقف مماثل، فكيف له أن يبرر أية تنازلات كان من الممكن تقديمها منذ زمن لتفادي هذا السيل من الدماء و الدمار و الخسائر التي لا تقل فداحة عند مؤيديه، فكما القرى و البلدات السنية، القرى و البلدات العلوية باتت لا تتسع جباناتها لشبابها كما لشيبها.
لا حل في سوريا طالما كِلا الطرفان مُصران على المواجهة في الشارع، لا حل في سوريا طالما الأمر بات للشارع. فكما القرار من ناحية الثوار هو لأمراء الأحياء و الشوارع، فالقرار عند النظام بات بيد شبيحته من المجرمين و القتلة و إن كانوا ينعمون بمؤازرة الجيش النظامي الذي بات تململ ضباطه واضحاً لمتابعي الشأن السوري.

يقول المعارضون أن الحل بتنحي الأسد و إن تنحى فمن سيضمن توقف القتال و الأمور باتت على قاب قوسين من التفلت بما يشبه الحرب اللبنانية في أوجها عندما كان السياسيون يتفقون في الصالونات و ينسف المقاتلون الإتفاقات نفسها بعدها بدقائق. من سيُقنع العلويين برمي السلاح إن باتوا يعتبرون بقائهم مهدداً بفقدانهم السلطة؟ من سيضبط الأرض و يلجم المقاتلين من كلا الطرفين، من سيسعى إلى تطبيق الإتفاقات إن أُبرمت؟ من سيمنع ظهور الخلافات داخل المعارضة المسلحة و تحولها إلى تقاتل كما شهدت جميع البلدان التي عاشت و عرفت صراعات و حروب أهلية؟
كيف للمجتمع الدولي أن يطلب من المعارضة المسلحة التي بذلت الغالي و الرخيص بأن ترمي السلاح و تقبل بأنصاف الحلول كما يعرض عليها الإبراهيمي و غيره؟ كيف لمن فقد أخاً أو إبناً أو أباً أن يقبل بصورة بشار الأسد في الدوائر الرسمية؟ كيف له يقبل بشرطته في الشوارع؟ كيف له أن يقبل و يخضع لقرار أُخذ في صالون بعيد عن معاناته و عرقه و دمه؟ كيف للعالم أن يطلب ضمانات لمن هم بنظر التوار جزاري الشعب السوري؟  كيف نُقنع من قُطع رأس أبيه بالسيف أن التعايش مُمكن، كيف نُعيد إلى مقاعد الدراسة و إلى الحياة المدنية من قاتل و قتل و كيف نُعيد من حيث أتوا كل المجاهدين الذين لا مكان لهم حتى في بلادهم.

أسئلة لا جواب لها، أسئلة تنذر بالأسواء لسوريا و لشعبها. تفلتت الأمور و بات القرار بيد دول تلعب بسوريا كما كانت سوريا تلعب بلبنان. هنالك من يقول ها هو التاريخ ينتقم من سوريا و لكن ما ذنب السوريين من أعمال بعثهم و ما ذنب العلويين من أعمال أسدهم و ما ذنب جيش سوريا من أعمال شبيحته و ما ذنب ثوار سوريا من أعمال تكفيرييهم؟ مات الربيع العربي في أنقاض سوريا في أنقاض مُدنها العريقة مات آخر مثال للتعايش و دُمر آخر مثال للتعايش في شرقنا المُمزق و العالم يتفرج و يضحك على غباء شعوب كانت في يوم من الأيام هي الحضارة.ة