- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

نجم سنة ٢٠١٢ : المعلومات (data)

نقطة على السطر

بسّام الطيارة
لا! لا! ليست الداتا التي تطلبها المعارضة اللبنانية من الأكثرية الحالية كما كانت تطلبها هذه الأخيرة عندما كانت في  المعارضة السابقة اقبل أن تصبح الأكثرية حالياً. لا!  ليست الداتا التي تحصدها الديكتاتوريات والأنظمة الأقل ديكاتورية لمراقبة مواطنيها. لا ! ليست الداتا التي تحاول شبكات التجسس الإمساك بها لكشف أسرار الدول أو المجموعة الصناعية الكبرى. كما أنها ليست الداتا التي تكدسها الـ سي أي إي في محاولة وضع لوائح لجميع من دب على هذه الأرض خوفاً من أن يكون إرهابياً أو معادياً للعم سام.
نجم هذه السنة أكبر بكثير من كل هذه «الداتا» التي ذكرنا بعضها للمثال وليس للحصر. المشار لها هي  الداتا البسيطة التي بتنا نرسلها كل يوم إما بشكل مكالمة هاتفية أو صورة أو رسالة نصية، نتبادلها إما عبر أنترنيت أو الهاتف الجوال. انتشار التبادل الرقمي والتوسع باستعمال الهواتف النقالة للأنترنيت ولإرسال الرسائل والتواصل عبر المواقع الاجتماعية جعل من هذه الداتا «كميات رقمية» يصعب تصورها وتأطيرها من هنا تسميتها بـ«داتا كبرى» (big data).
هذه الداتا ليست نابعة فقط من العامة، مستخدمي الهواتف وشبكة أنترنيت، بل أيضاً من كافة إدارات الحكومات والدول والمنظمات والشركات الكبرى التي ترسل كماً من المعلومات في «كل ثانية» لدرجة لم يعد ممكناً حصرها بشكل علمي.
كل يوم يتم إرسال ١١٨ مليار رسالة إلكترونية. موقع فيسبوك يستقبل يوميا ٢،٤٥ مليار تدوينة، بينما يصل مجموع مداولات تويتر نحو ٢ مليار تغريدة. كبرى شركات الهاتف الأميركية تنقل يومياً ٢٤٠ ألف مليار «نبضة رقمية» (octet). منتظر أن تتدافع لتصل إلى نحو ١٠٤٠٠ مليار مليار نبضة (10,4 zettaoctets) على شبكة أنترنيت بحلول عام ٢٠٢٠ (أي بعد سبع سنوات فقط).
هذا بالنسبة لبني إنسان، الذي يرسل رسائل وصور ويتكلم ويتراسل. ولكن منذ سنوات قليلة ماضية باتت «الآلة» تنافسه. فالحواسيب المرتبطة مع بعضها البعض «تتراسل» وتعطي إشارات متزايدة لنقل المعلومات المخزونة رقمياً. أفضل مثال شركات توزيع الكهرباء أو المصارف أو شركات الطيران فالتعديلات أو تجديد البرامج والحجوزات وتوطين المعاملات البنكية وتعديل أسعار العملات ناهيك عن البورطة باتت تتم بشكل أوتوماتيكي عبر تبادل رقمي بين الحواسيب.
ولكن أين نجد هذه المعلومات، أين هي هذه الداتا؟
إنها في كل مكان ولست في أي مكان. إنها معادلات حسابية فقط أنها مليارات من مليارات الأرقام المصطفة واحدة تلو الأخرى التي تحولها البرامج إلى «ما كانت عليه» إما صورة أو رسالة أو تبادل أصوات أو مجموعات حسابية أو نصوص… أو أوامر.
كانت الحواسيب حتى زمن قريب تستطيع إجراء تحليلات وتقاطع معلومات تسمح لها بتتبع الداتا. أما اليوم فإن الكميات الهائلة والتراكمية تجعل من العبث محاولة مراقبة كل شي: «الأخ الأكبر» (Big brother) لم يعد يستطيع مراقبة الجميع.
تبدو «هيستيريا» التواصل الرقمي التي تأبطت بـ٩٠ في المئة من البشرية وكأنها نوع من الدفاع عن النفس فقد أغرقت الخصوصيات في كم هائل بشكل بات تتبعها عبثي وغير منتج.
هذه من وجهة نظر مبدأية.
ولكن ما زال ممكناً تتبع داتا في أماكن محدودة. جريمة صغيرة ومسألة بسيطة من الممكن «فحص»و الاطلاع على «بعض» من الداتا. ولكن أياً كان المجهود من غير الممكن الاطلاع على كل الداتا.
لا تمحو ذاكرة حاسوبك فإن ما أدخلته من معلومات لا يمكن محوها بمجرد محو الذاكرة أو حتى تحطيم الحاسوب، فبمجرد دخولك على شبكة أنترنيت خرجت الداتا وباتت في مكان ما. كذلك الأمر مع هاتفك المحمول: عناوينك وأرقام هاتف من هتفت لهم وكل الرسائل والصور المرسلة لك ومنك لم تعد ملكك لأنه انضمت إلى «Big data» فمن العبث تحطيم الهاتف. ابتسم فإن كاميرا تراقبك.