- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

التاريخ يُرحّب بكم!

زكريا الكمالي
قصف، قنص، قذيفة، قنبلة، قارح، قاتل وقتل سهل.
لا يحفظ النظام من حروف الأبجدية سوى حرف الموت هذا. هو كل تاريخه.
أول الحروف التي نطقها، عند ولادته قبل 33 عاماً، هو حرف القاف. واخرها، ق/ مع.
نظام عصامي، ولد وفي فمه هذا الحرف فقط، عاش معه، وأستثمر فيه من القاع.
قائد أعلى للقوات المسلحة، قائد امن مركزي، قائد حرس جمهوري، قائد اللواء مشاه جبلي، قائد حرس خاص.
قانوني إلى أبعد مدى. قواته تقتل بزيها الرسمي في أوقات مناوباتها فقط، ثم تخلعه، لتتحول الى “قناصة”.
القاف، كان حرف السُعد الوحيد له، أوصله الى كرسي الحكم، بـ”قتل وقمع”، وسيطيح به بـ”قرار عالمي”، استجاب في النهاية لثورة شعب.
***
لو أن الساسة يعملون بنظام “الهدف الذهبي”، يُفترض أن يعلن مجلس الأمن الدولي، ليل الجمعة، انتصار الثورة اليمنية على نظام فاشل، لم يكن يستطيع الوصول إلى الأشواط الإضافية، لو أنه واجه شعبه بنزاهة، أو كان الحُكام الخليجيون شرفاء. لا مشكلة، الدقائق المتبقية لا تهم، بل ستجعل العالم أجمع يعرف كم هو خصم الشعب اليمني مترهل، وخارج الزمن.
نحن في الدقائق الأخيرة بالتأكيد، وما هي إلا أيام، ونبدأ تشييع نظام الرئيس صالح الذي كتم على أنفاسنا أكثر من 3 عقود، وأذاق هذا الشعب كل ألوان العقوبات المرة منذ عشرة أشهر.
“حُسن الختام”، أمنية كل مُشارف على الرحيل من الدنيا، أو الكرسي، لم تحققها السماء لهذا النظام الشيطاني. خاتمته سيئة، كبداياته. نهاية بشعة، نشكره على تعميدها بقوة.
في “سوق السبت”، الذي يصفونه بالمؤتمر الصحافي، قال عاقل السوق الجندي إن صالح “سيدخل التاريخ ” عندما يسلم السلطة، تنفيذا للقرار الدولي.
التاريخ برميل قمامة إذا كان سيدخله صالح. وإن دخله فعلاً، فعلى الملائكة الذين دخلوه، سابقا، من أوسع أبوابه، أن يخرجوا من أضيق شبابيكه في أقرب لحظة، لأن ضيفاً شيطانياً في الطريق إليهم.
هل التاريخ “مقبرة”، إلى هذا الحد، ولا ترد أي قاتل ينوي الدخول إليها؟ لا اعتقد. التاريخ مجلد ناصع، ومن الاستحالة قبوله ضيف لا مؤهل له سوى القتل. ما الذي سيقوله علي عبد الله صالح لرفاقه التاريخيين، لو تم عمل امتحان قبول له؟ هل سيبشرهم بـ”أنا مُت 15 يوماً من قبل وانتم من قد مات منكم وهو عايش؟”.
إذا كان التاريخ قد فتح باباً لـ”الأبطال الخارقين”، أو الشهداء الأحياء فربما يدخل. وإذا كانت هناك أقسام فيه لـ”أفضل نظام دليفري”، قام بإنشاء خدمة “توصيل القذائف الى المنازل”، بدلا عن خدمات الماء والكهرباء، فمؤكد أن نظام صالح، داخل داخل إلى منارة التاريخ، وليس إلى بوابته فقط.
لو كان للتاريخ “لسان”، لصرخ كما كانت تصرخ أخت الشهيدة “عزيزة”: “علي عبد الله صالح قتل أختي”.
التاريخ عادل، ولن ينسى دموع شقيقة عزيزة، التي بكت بشكل هستيري على أخت لن تعود معها إلى البيت مثل كل يوم، بعدما خرجتا ممسكتين بأيدي بعضهما في الصباح.
التاريخ لن يترك حق كل عزيزة، وكل عزيز سقط على هذه الأرض وهو يطلب الحرية، يذهب هدراً.
التاريخ يعرف ضيوفه  جيداً، ويعطي لكل شخص المكانة التي يستحقها. لديه أقسام لـ”العظماء”، ولديه توابيت خاصة  للطغاة والقتلة، والكذابين. ليس عاطفياً مثلنا، وسينسى جرائم القصف والإرهاب اليومية على تعز.
التاريخ بانتظارك يا فخامة الرئيس، وسيستقبلك حارسه وبيده “غصن زيتون” عدت به من عاصمة “السيفين والزيتون”. التاريخ يُرحب بكم. ما عليك إلا أن تدخل بـ”رجلك الشمال” !