- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

الإسلاميون ونهاية «سحر الاضطهاد»

زاوية حادّة

حسام كنفاني
مع إعلان نتائج انتخابات المجلس التأسيسي في تونس، دب الذعر في نفوس الكثير من المؤيدين للثورات مما أفضت إليه صناديق الاقتراع من فوز كبير للإسلاميين، رغم أن الفوز لم يكن مستغرباً، بل وكان متوقعاً على نطاق واسع منذ اللحظة الأولى لوضع تونس على درب الديموقراطية. ليس تونس وحسب، بل مصر ايضاً ستسلك الطريق نفسه، وهو ما بدأت تظهر ملامحه في الانتخابات النقابية. ولن تكون أي دولة أخرى، مرشحة للدخول في نادي «الربيع العربي»، في منأى عن مثل هذا المسار.
الأمر لا يدعو إلى الكثير من الاستغراب أو الامتعاض، بل ربما يجب التهليل لمثل هذا الفوز، الذي بالتأكيد سيكون مقدمة لنهاية «أسطورة» الحكم الإسلامي، ووهم «الإسلام هو الحل» الذي ترفعه مختلف تنظيمات الإسلام السياسي، وفشلت في تجربته. ربما قد يكون الوقت قد حان لمثل هذه التجربة وقياس نجاحها أو فشلها. التنظيمات الإسلامية لعبت دائماً على نغمة امتلاكها مفتاح الحلول، غير أن الاضطهاد الذي كانت تمارسه ضدها الأنظمة الساقطة، او التي في طريقها إلى السقوط، هو الذي حال بينها وبين تطبيق «برنامجها الخلاصي».
للاضطهاد سحر وقوة جذب، وهو ما تعلمه القوى الإسلامية ولعبت عليه خلال الفترات السابقة على قاعدة «كل ممنوع مرغوب»، وبما أن المنع الأكبر في الأنظمة الديكتاتورية كان من نصيب الحركات الإسلامية، وتأتي جماعة الإخوان المسليمن ومتفرعاتها في مقدمتها، فإن هذه التيارات استقطبت فئات مجتمعية بشكل مباشر وغير مباشر. فمن لم ينتم علناً إلى مثل هذه التيارات خوفاً من الملاحقة، أبقى في نفسه نوعاً من التعاطف معها إلى أن تأتيه الفرصة للمجاهرة بتأييده له. وها هي الفرصة قد حانت عبر الانتخابات التونسية، ولاحقاً ستكون متوفرة في مصر وليبيا وغيرهما.
الاقتراع الحالي هو نتاج المرحلة الديكتاتورية السابقة، والشعوب العربية هذه لم تخرج بعد من تداعيات الاضطهاد الذي عاشته، وبالتالي فلجوئها إلى الدين أو الأحزاب الدينية منطقي على اعتبار أن «الدين زفرة المضطهدين»، كما قال كارل ماركس. لتكن الانتخابات هي هذه الزفرة والمتنفس، الذي ستنجلي بعده حقيقة فعالية الحكم الديني من عدمه.
من الأجدى عدم اتخاذ مثل هذه النتائج بمثابة «فزّاعة» لمصير الربيع العربي، وهو ما بدأت تفعله بعض الأنطمة المهددة، بل يجب النظر إليها باعتبارها فرصة لإنهاء «سحر الاضطهاد» الذي لعب عليه الإسلاميون طوال العقود الماضية. فرصة ليخرج هؤلاء من دائرة المنع إلى العمل العام واختبار الحكم، رغم أن التجارب السابقة في غزة والسودان وأفغانستان تقدّم صورة عن ما يمكن أن تؤول إليه الأمور. حينها ستتماثل التيارات الإسلاميّة مع غيرها من الأحزاب السياسية، غير أنها ستكون منزوعة القداسة، وصاحبة مشروع قابل للنجاح أو الفشل.