- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

سوريا … عيد حزين

نقطة على السطر
بسّام الطيارة
عندما تنتقل عقارب الساعة لتستقر مجتمعة فوق رقم ١٢ وتعلن نهاية سنة وبداية سنة جديدة، لن يفوت أحد، في بلاد العرب وحتى في العالم من أصحاب الضمير، التفكير بسوريا فهي اليوم الجرح الذي ينزف يومياً في بلاد الشام التي ودعت نحو ٥٠ ألف قتيل.
بالطبع بعض أركان النظام سوف يحتفلون «بتواضع» في ظل أسوار قصورهم العالية قد يكون هناك بعض الابتسامات وأمل في سنة جديدة تأتي لهم بخلاص مغاير لما تريده المعارضة لهم. ومن نافل القول إن الكتائب الجهادية الأكثر حرية في التنقل في الأراضي السورية رغم المخاطر لن تحتفل ويعف بالطبع مقاتلوها عن تأمل فقاعات الشامبانيا أو النظر إلى عقارب الساعة فهؤلاء لا قيمة للوقت لديهم …فهم خارج الزمن.
لنترك هؤلاء ونحاول أن نتصور تفكير الجندي السوري البسيط وضباط الصف الذين هم إما ما زالوا يأتمرون بأوامر سلطة النظام أو اتتقلوا بسلاحهم أو بدونه إلى صفوف المعارضة. رغم تباين مواقعهم ورغم تصويب مدافعهم على بعضهم البعض فؤلاء يشكلون أمل سوريا. فماذا يدور في أذهانهم في هذه اللحظة؟ من المستبعد أن تكون الطائفية البغيضة قد وصلت إلى نفوسهم رغم مرور ٢١ شهراً على انطلاق «الحرب». إلا أن فرقاء كثر، بعضهم يحتفل بالعيد وبعضهم لا يعرف العيد، يريدون لـ«عسكر» سوريا أن يغرف من الطائفية في احتفاله.
ماذا سوف يدور في أذهان هؤلاء «الجنود» ،نظاميون أو معارضون؟ سوف تتوجه أفكارهم في لحظة انتقال الزمن من سنة لأخرى نحو عوائلهم نحو أطفالهم نحو أمهاتهم وأبواتهم نحو الدفئ نحو الأمان المفقود. ولكن الأمل في نهاية «سعيدة» ولقاء ولم الشمل ينبت في لحظة انتقال العقرب من الدقيقة ٥٩. هذا هو سحر العيد.
ماذا سوف يدور في أذهان سوريي الداخل القابعين تحت وابل النيران وخطر الموت كل لحظة، أو المهاجرين في البراري وفي خيم اللاجئين؟ هؤلاء السوريون سوف يفكرون برجالهم المقاتلين على مختلف الجبهات مع النظام أو مع المعارضة. ولكن الأمل بالعودة إلى وطن الوفرة والأمان سوف يتفتح مع سماع إعلان ولادة السنة الجديدة.هذا هو سحر العيد.
بغض النظر عن الظروف التي يعيشها الإنسان، بغض النظر عن الألم والمعاناة، إلا أن هذا الإنسان يحركه دائماً أملُ بغد أفضل بيوم سعيد يأتي بعد يوم مظلم قاتم.
من هنا جمال هذه الثورة.
هي ثورة شبيهة بكبريات الثورات في تاريخ الإنسانية.
أملنا الوحيد أن لا ينجح من يريد جعل هذه الثورة فقط حرب بين أبناء الوطن بين طوائفه المتنوعة، من يريد جعل هذه الأرض التي دب فيها الإنسان منذ مطلع التاريخ أرض مخصبة بدماء التفرقة والبغض.
سنة جديدة علينا التمسك بالأمل وتحسس معاناة أطفال سوريا، فالأمل هو هديتنا الوحيدة لهم بغياب أي إحساس جماعي على المستوى السياسي العربي اللاهث وراء مكاسب جيوسياسية، بمعاناة أهل بلاد الشام.