- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

” الهاوية” الإخوانية

نجاة شرف الدين

الابتسامة لم تفارق شفتا الرئيس المصري محمد مرسي  وهو يوقع على نسخة كتيب الدستور الجديد، الذي جرى الإستفتاء عليه وحظي بنسبة 63,8 في المئة من الأصوات ممن شاركوا في الإستفتاء ونسبتهم 33 في المئة ،  ليكون الدستور الأول بعد الثورة المصرية ، صاغه الإسلاميون ، وهو إعتبر أنه سيساعد على إنهاء الإضطرابات السياسية وإتاحة الفرصة له للتركيز على الوضع الإقتصادي الهش .
هذا الجو التفاؤلي الذي حاول أن يعكسه الرئيس المصري ، وحالة الإنتصار ولو النسبي التي  شعر بها الإخوان المسلمون ، معتبرين أنهم نالوا الشرعية الشعبية للمرة الثالثة ، بعد إنتخابات البرلمان والرئاسة ، متجاوزين حالة الإنقسام السائدة في الشارع ، بعد حالة الإعتراض والتظاهرات التي قامت بها القوى الديمقراطية واليسارية في جبهة الإنقاذ الوطني . كل ذلك ، ربما أنهى الجولة الأولى من المواجهة المباشرة بين الإخوان المسلمين والقوى السلفية مع جبهة الإنقاذ ، إلا أن التحضيرات لا تزال قائمة ومحطتها المقبلة في الانتخابات البرلمانية بعد ثلاثة أشهر .
حالة الإنقسام الشديد في الشارع المصري  ، والتي تترافق  مع التحذيرات التي أطلقها البنك المركزي المصري حول مستوى احتياطي النقد بالعملة الأجنبية الذي وصل الى حده الأدنى (15 مليار دولار) بخسارة حوالى عشرين مليار دولار  ، بالإضافة الى تراجع المؤشرات الإقتصادية وإنحسار الإستثمارات الخارجية كليا خلال العامين الماضيين ، وخروج إستثمارات الأجانب وتخفيض التصنيف الإئتماني بنحو خمس درجات ، كل ذلك يضع مصر والإخوان المسلمين بالدرجة الأولى ، أمام إمتحان سياسي إقتصادي يمكن ، في حال فشله ، أن يؤدي الى تجدد الثورة ، ولكن هذه المرة باتجاه الإخوان ، لأنهم سيتحملون المسؤولية كاملة .
الرئيس مرسي وفي خطابه ، الذي نقلته وسائل الإعلام مباشرة على الهواء ، بعد التوقيع على الدستور ، دعا المعارضة الى الحوار الوطني ، وهو ما رفضته جبهة الإنقاذ بداية في محاولة لتحسين الشروط ، معتبرا أن الأولوية ستكون الإقتصاد ، وهو رد على من يتحدث عن الإفلاس بقوله ” إن من يتحدثون عن الإفلاس هم المفلسون ” ، وهو عاد وكلف رئيس الوزراء الحالي هشام قنديل برئاسة الحكومة ،  إلا أن المعركة على ما يبدو ستأخذ منحى آخر .
الإعلام العربي والغربي ، الذي إعتبر أن الجولة الأولى من المعركة بين الإخوان وجبهة الإنقاذ إنتهت ، إلا أن الجولة الثانية ستكون في الإنتخابات البرلمانية ، التي ستحدد بدورها ومن جديد ، إذا ما منحت الإخوان الأكثرية ، بأن الموسم السياسي  سيكون إخوانيا بامتياز ، وبالتالي سيكون على المعارضة الإنتظار نتائج الإمتحان الإقتصادي ، في ظل الظروف الصعبة التي تمر بها مصر ، وفي ظل غياب المشروع الإقتصادي الواضح ، فإذا نجح الإخوان في إستقطاب الإستثمارات والمساعدات الدولية والمؤسسات الدولية ، وإستطاعوا أن ينقلوا مصر من حالة الركود الى حالة الإزهار الإقتصادي عبر رفع النمو وسداد الديون ، يمكن عندها القول ، إن المشروع الإخواني قد بدأ بتجاوز الإمتحان الأكبر في موقعه السياسي الجديد . تجاوز الأزمة الإقتصادية يحتاج بالضرورة الى مساعدة من المجتمع الدولي وعلى رأسه مؤسسات البنك والصندوق الدوليين ، إضافة الى قرار دولي بالمساعدة من قبل الولايات المتحدة الأميركية وأوروبا ، في وقت أبدت قطر إستعدادها لتقديم المساعدة المالية .  أما في حال فشله إقتصاديا ، فإن المعارضة ستكون في الإنتظار للنزول الى الشارع من أجل إسقاطه، وهو سيتجه الى الهاوية ليس فقط الإقتصادية ، بل ستكون سياسية إقتصادية ، لا بل هاوية إخوانية .
تعيش مصر ومنذ سنتين معركة تكوين السلطة الجديدة ، وفي الصراع اليوم الإخواني السلفي من جهة وجبهة الإنقاذ التي تضم مجموعة من الأحزاب الديمقراطية واليسارية والناصرية من جهة ثانية ، يبقى السؤال هل هناك قرار دولي بدعم الإخوان ؟ أم ستكون مرحلة طبيعية لتداول السلطة في تجربة الحكم وتنتهي عند أول إستحقاق شعبي ؟