- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

مفاجآت حكومية “للمتخلفين”!

فادي أبو سعدى
لم تكن الحكومة الفلسطينية لتترك عام ينصرف وآخر يطل علينا دون لمسة أخيرة في ذاك، ومفاجأة مدوية في اليومين الأولين من العام 2013، لكن اللمسة والمفاجأة أشعلتا الضفة الغربية سخرية في الدرجة الأولى، وغضبا في الثانية، خاصة وأن الحكومة ذاتها “مفلسة” ومدينة للموظفين بشهر ونصف الشهر من الرواتب حتى الآن، بينما تقوم بتوزيع “الهدايا” على آخرين!
فاتفاق الحكومة الفلسطينية مع اللجان الشعبية في المخيمات لما سمي “بتنظيم استخدام الكهرباء” هو حقيقة مكافأة  “مستهجنة” من العيار الثقيل، لمواطنين لم يدفعوا فلساً في يوم من الأيام لقاء استخدامهم الكهرباء، وهذا ليس انتقاصاً من اللاجئين في المخيمات، بقدر ما في ضرب لمبدأ “مكافأة الملتزم” وليس العكس كمان فعلت الحكومة، حيث قيل أن الاتفاق بشطب ديونهم البالغة نحو 450 مليون شيقل.
وتأبى الحكومة بعد يومين اثنين فقط، إلا أن تطل علينا بمفاجأة جديد من عيار أثقل، فهي قررت اعفاء جميع “المتخلفين” عن سداد ديون الكهرباء في الضفة الغربية بأكملها، ليكون المبدأ “البلد للمتخلفين فقط، وليس كما تعلمنا في المدارس والجامعات بأهمية القيام بالواجبات قبل الحقوق، والالتزام بما علينا تجاه البلد!
السؤال الرئيس هو من أين أتت الحكومة بهذه الأموال، بينما لا تملك رواتب موظفيها؟ أو هل سجلت الحكومة ديوناً عليها لسداد فواتير “المتخلفين” عن سدادها؟ ولماذا هذه الاتفاقات والمفاجآت في وقت استفحلت فيه الأزمة المالية للسلطة الوطنية، دون شبكة الأمان العربية، وعائدات الضرائب المحجوزة من قبل إسرائيل؟ وهل هناك مصدرا مجهولا من التمويل لأمور معينة في البلد دون غيرها؟
الحقيقة، هي أن الحكومة بذلك تكون هي من يضرب النسيج الاجتماعي في البلد، وهي من يدعونا “للتخلف” بعد أن كنا دائماً من الملتزمين، وهي من تفتح على نفسها أبواب جهنم عندما تفعل ذلك وتتناسى موظفيها بدون رواتب بحجة الأزمة المالية، وهي ذات الحكومة التي تدعو لبناء دولة المؤسسات، وتدمر بيديها أهم أسسها وهي الواجبات.
يبدو أن الحكومة أرادت الرحيل قبل أوانها، فهي من تطالبنا بالخروج إلى الشارع احتجاجاً عليها وعلى قرارات غريبة، وفي توقيت أغرب، بينما هي أحوج ما يكون للسيطرة على الشارع، أو حتى توجيهه نحو الاحتلال، وليس العكس.
لا يمكن أن نغفر أخطاء فادحة نعلم علم اليقين أنها كذلك، ونعلم بأن التزامنا بواجباتنا تجاه بلدنا هو الأصل، إلا إذا أردتم أن نصبح من “المتخلفين” دفعاً وعقلاً، لأنكم وبهكذا قرارات إنما تدفعون بنا إلى ذلك، وإلى ما هو أبعد من ذلك بكثير!