- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

التلفزيون التونسي في عهدة الإعلام الفرنسي

وردة السعدي
اعتاد الصحافيون التونسيون خلال حقبة بن علي المخلوع وعشيرته كتابة نصوص تملى عليهم أو قراءة بيانات صحافية، وقد وجب عليهم سريعاً استعادة “مبادئ” مهنتهم للتعامل مع أولى انتخابات حرة في تونس يوم 23 تشرين الأول/أكتوبر الماضي. وانتقلت نظرة التونسيين من المشهد السياسي صيغه حزب واحد إلى انبثاق مئات الأحزاب الجديدة عارضة أكثر من 10 آلاف مرشح مقابل 217 مقعداً.
وتقول إحدى الصحافيات، فضلت التستر عن هويتها على الرغم من أن وسائل الإعلام استعادت حريتها، “عندما سطرت لأول مرة على بياض الورقة عبارة الرئيس المخلوع  دون أن يراجعني أحد، انتابني شعور غريب”. وقد شرعت وسائل الإعلام منذ 14 كانون الثاني/يناير، يوم هروب بن علي، تنظيم نفسها، قدر المستطاع، لنقل أحداث الثورة الجارية.
وبالرغم من الأخطاء التي ارتكبتها الدبلوماسية الفرنسية قبل سقوط بن علي، استجابت الحكومة التونسية لعروض قنوات التلفزيون الفرنسي لمساعدة وسائل الإعلام التونسية. وقامت “مجموعة فرانس تليفزيون” منذ 31 أيار/مايو بإمداد القنوات التونسية الوطنية بدفعة أولى من المساعدات والمتمثلة في وسائل التصوير والمونتاج التلفزيوني.
من جهة أخرى،  تكفلت “قناة فرنسا الدولية” (سي.أف.إي)، وهي فرع “مجموعة فرانس تليفزيون”، بتأطير مئات الصحافيين التونسيين من خلال تكوينات في تونس. ويتكون فريق التكوين من صحافيي قنوات “فرانس 2″، و”فرانس 3″، و”فرانس  24″، ومن مهامهم، تعليم الصحافيين التونسيين طرق وكيفيات تنظيم وترتيب نقاش معاكس، وكيفية دعوة الضيوف وكذا احترام توزيع الوقت بين الحاضرين، بالإضافة إلى ذلك تخصيص تكوينات للمذيعين. ولأول مرة في تونس، يتولى رجل وامرأة قيادة نشرة الثامنة. ويوضح إقبال الكلبوسي، صحافي شاب تولى قيادة نشرة الثامنة، “لم نتعود على العمل بهذه الطريقة، لزمنا بعض الوقت لنتبع المنهاج لكننا لازلنا نحذو على هذا الخط تدريجيا بفضل مساعدة وتجربة الصحافيين الذين يقومون بتدريبنا”. وحتى “لا يسرق منها الثورة”، قررت رئاسة التحرير للقناة الأولى التونسية الاستحواذ على السلطة واختيار لجنة التحرير والتراتب البشري. وتقول مفيدة حشاني، رئيسة تحرير النشرة الإخبارية بالعربية، والتي انتقتها رئاسة التحرير “بعد 23 سنة من الحكم الديكتاتوري، يلزمنا تدريب طويل لاستعادة ارتكاسات تمليها الاستقلالية والحرية، لكننا نتحسن”.
كما أطلقت “قناة فرنسا الدولية” مشروع إنشاء نوادي الصحافة للمواطنين على مستوى ديار الشباب بالشراكة مع وزارة الشباب والرياضة التونسية ومدونة “نواة”. ويؤكد إيتيان فيات، المدير العام لقناة فرنسا الدولية، “نحن لا نقوم فقط بالتدريب، دورنا يكمن أيضاً في التعاون والتأطير، لم نأت لتلقين دروس لزملائنا التونسيين لكن لمساعدتهم حتى يتسنى لهم استعادة أسس الصحافة التي حرموا منها لسنوات”.
الإعلام الخارجي الفرنسي (المتمثل في فرانس 24، راديو فرنسا الدولية، مونت كارلو الدولية وتيفي 5 موند) حاضر بقوة. كما تكفلت قناة فرانس 24، المشاهدة كثيرا خلال الثورة، بتدريب الصحافيين وتغطية الانتخابات. وحتى يتم بث النتائج والنقاشات على كامل التراب الوطني التونسي، قامت “مجموعة فرانس تليفزيون”، بالتعاون مع الإتحاد الأوروبي للبث الإذاعي والتلفزيوني وأفلام سولاي والمركز المتوسطي للاتصال السمعي والبصري والإتحاد من أجل المتوسط، بنقل سبع محطات الساتليت إلى تونس والتي سمحت للتلفزيون الوطني التونسي ضمان نقل المباشر الضروري للانتخابات.
من جهته، استثمر المجلس الأعلى للإعلام الفرنسي (سي.أس.أ) كثيراً في تونس، حيث يساهم من خلال إرشادات لإنشاء جهاز جديد لتنظيم الإعلام التونسي. وتؤكد رئيسة تحرير نشرة الثامنة “مهما يكن فلن نعود أبدا إلى الوراء”.