- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

مبادرة الأسد جولة في حرب البروباغاندا

باريس – بسّام الطيارة
اعلن الرئيس السوري بشار الاسد عن تصوره لحل الازمة في في خطاب القاه أمس الاحد، في دار الاسد للثقافة والفنون في دمشق وبث على الهواء مباشرة. بالطبع رفضت المعارضة السورية المبادرة المقترحة ووصفتها بأنها تهدف الى إفساد الجهود الدبلوماسية لإنهاء الصراع. وفي الغرب هبّ وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ ليتهم الأسد بالرياء. وقالت مسؤولة السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي كاثرين اشتون إن على الرئيس السوري بشار الأسد أن يتنحى .
ما لم يفهمه كل هؤلاء الرافضون للمبادرة الذين «إلتفتوا إلى المضمون وليس إلى الشكل» هو أن الأسد لم يقدم أي مبادرة وأن كل ما قدمه هو استعراض لعضلات في قلب العاصمة في دار الأوبرا، في عملية تواصلية إعلامية جواباً على  البروباغاندا التي تروج لها المعارضة والدول الداعمة لها التي تقول أن القتال في شوارع العاصمة يحيق بالقصر الرئاسي.
نعم إنه خطاب دام ساعة ونصف (١:٣٨) في ساحة الأمويين في بناء ملاصق لرئاسة الأركان الذي هاجمته المعارضة المسلحة في أيلول الماضي. وقف الأسد يتحدث أمام ٢٠٠٠ مؤيد له وينقل خطابه ببث مباشر إلى كافة الفضائيات، أي أن كل خصومه وأعداءه يتابعون كلماته بينما يمكن للخبير ولأي مبتدئ «إيجاد إحداثيات المنصة» ومكانها إما عن طريق الأقمار الصناعية أو غوغل ماب…  ولم تستطع أي كتيبة توجيه قذيفة واحدة إلى مكان تواجد الرئيس المطلوب إسقاطه.
ما سعى الأسد لقوله عبر المبادرة هو أن المعارضة ليست داخل دمشق كما يروج له. فقط هذا كان هدفه بإعلان مبادرة لا يمكن قبولها بأي شكل من الأشكال. وهو كان يدرك ذلك ولكنه لم يسعى وراء قبول من طرف أعداءه. كل ما أراد قوله هو «إني استطيع التنقل داخل العاصمة ولست محاصراً في القصر ولست هارباً في اللاذقية».
إن ما دفع الأسد لهذا التمرين الإعلامي هو تراجع عمليات المعارضة العسكرية ولا يعود ذلك لقوة جيش النظام، ولكن كما ذكر مصدر أوروبي لـ «برس نت» نتيجة وقف تدفق الأسلحة من الخارج لربما بسبب الضغوط الأميركية «الخائفة من جبهة النصرة». وذكر المصدر أنه في عدد من المعارك اضطر الجيش السوري الحر للتراجع بسبب نفاذ الذخائر والأسلحة. ونقاط الضعف هذه تبرز يومياً منذ اسبوعين بتراجع العمليات الكبرى حتى في الشمال، دون أن يدل ذلك على «سلسلة انتصارات للجيش النظامي».
ولكن شجع هذا الأسد فأطلق مبادرة لا تحمل أي جديد لا بل تحمل تراجعاً عما يسمى اتفاق جنيف1 فقد جاء في المبادرة التي «ولدت مرفوضة»: أن تلتزم الدول المعنية بوقف تمويل المسلحين ووقف تدفق المسلحين من الخارج، وذلك  مقابل وقف عمليات الجيش مع حق الرد، من ثم الدعوة لمؤتمر حوار شامل يقود إلى وضع  ميثاق وطني يعرض على الاستفتاء الشعبي قبل أن يتم توسيع الحكومة كي تقوم بتطبيق الاستفتاء واقرار قانون انتخابي جديد والدعوة لانتخابات. يعقب تشكيل حكومة جديدة من ثم يتم اطلاق سراح جميع المعتقلين جراء الاحداث الاخيرة.
أي أن الأسد وضع مجمل العملية السياسية تحت قبة الحكومة الحالية ورمى جانباً مسألة «حكومة انتقالية» وعرض «توسيع الحكومة» بعد الاستفتاء. كما أنه لم يتطرق إلى «مستقبله» السياسي.
يدل كل هذا على أن الأسد أراد تسجيل نقطة إعلامية، وهذا ما حصل بالفعل، ولكنه أراد أيضاً أن يصلِّبَ موقفه قبل لقاء الروس والأميركيين في جنيف للانطلاق من مواقف بعيدة في جولة المفاوضات وموجة الضغوط الروسية عليه تحضيراً لجنيف 2.