- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

“سويتي” أول مصنع فلسطيني للشوكولا اليدوية

بيت لحم ــ فادي هاني
ما أن تدخل المكان، حتى تجد نفسك محاصراً بكافة أنواع الشكولاتة التي تسيل لعابك، قبل تذوقها، لأن رائحتها تتسلل ببساطة إلى قلبك، فهذه محشوة بالكرز، وتلك محشوة بالزنجبيل، وثالثة مبعثرة بانتظار تشكيلها بعد.
هي ماجدة سلسع، امرأةٌ أربعينية تقف في المكان مرحبة بالزوار في عالمها الصغير، المكون من ثلاث غرف لا أكثر، غرفة لصناعة الشوكولا وأخرى للتغليف وثالثة للعرض والبيع.
ماجدة، صاحبة فكرة أول مصنع للشكولا في بيت ساحور، بمحافظة بيت لحم بالضفة الغربية، تتحدث عن الفكرة فتقول “بدأت الحكاية العام 2008، حين سمعت عن قروض تقدمها غرفة تجارة وصناعة بيت لحم لمشاريع نسوية صغيرة مقدمة من إيطاليا، فقمت بطرح فكرتي التي لطالما راودتني منذ تسع سنوات مضت، لكني لم أستطع تنفيذها لظروف سياسية واقتصادية، لذلك لم تسعني الفرحة حين جاءني الرد بالموافقة وأحسست بشعور لا يوصف حين بدأت أرى فكرتي تطبق على أرض الواقع وحلمي يحقق بعد طول انتظار”.
“هناك الشوكولا العادية وهناك السوداء الداكنة بنسبة 70 بالمئة والسوداء بنسبة 50 بالمئة والبيضاء الشهية، ناهيك عن الأنواع الأخرى المحشوة بالزنجبيل والزبيب والتمر واللوز والكرز والكاجو والبندق، بأشكالها المحببة وروائحها التي تعلق بأنف الزائر لمدة طويلة حتى بعد خروجه من المحل”، تحدثنا ماجدة.
“ليس هناك أكثر متعةً من تحويل مكونات اعتيادية كالزبدة والكاكاو والحليب والسكر إلى نتاج لذيذ يعبر عن الحب والفرح ويستخدم في أكثر المناسبات وأغلبها”، تقول ماجدة. لكن بالرغم من كل ذلك فإن الموضوع ليس سهلاً كما يبدو عليه الحال. فعندما ينتقل الزائر إلى غرفة صناعة وخلط المكونات يتفاجأ من تلك المراحل المعقدة وطويلة المدى التي تمر فيها عملية صناعة الشوكولا، كونها يدوية بحتة وهذا ما يميزها، إذ يبقى السائل يدور في الخلاط لمدة أربعة أيام، حتى يتكامل تجانسه ويصبح صالحاً للاستخدام والتشكيل، وهنا يبدأ فن الصناعة بكل جمالياته.
ذهبت ماجدة إلى فرنسا من أجل تعلم حرفة صناعة الشوكولا اليدوية، ولم يكن ذلك سهلاً عليها على الإطلاق، فقد قامت بالعديد من التجارب في معملها الصغير، حتى وصلت إلى تلك النتيجة النهائية؛ فكانت في كل مرة تتذوق ثم تحسن وتطور، ثم تتذوق وتأخذ آراء الناس، ثم تعيد خليطها مرة أخرى.
“لقد ذقت من العذاب كثيراً حتى وصلت إلى المذاق والخلطة النهائية”، تحدثنا ماجدة، “كنت أسهر الليالي أفكر وأعيد ترتيب أفكاري ثم أجرب مرة أخرى، لكني لم أيأس لأني كنت واثقة أن الشوكولا التي أصنعها سوف تخرج للنور بمذاقها النهائي اللذيذ الذي سوف أكون راضية عنه ويحصل على استحسان زبائني الذين يأتون لطلب الشوكولا من جميع أنحاء فلسطين”.
زوج ماجدة، المتخصص في هندسة الصناعة والأنظمة بشهادة من الولايات المتحدة، هو من يساعدها في عملها، كما هو حال أولادها الذين لا يتركونها، ويعملون على تعلم المهنة في أوقات فراغهم، ليصبح هذا المصنع، الذي أطلقت عليه اسم “سويتي”، مشروعاً عائلياً بدأ بحلم امرأة، وتطور بجهد العائلة التي تسعى إلى توسيعه ليحمل اسم فلسطين للعالم الخارجي.
كم جميل أن ترى عبارة “صنع في فلسطين” على غلاف الشوكولا الموجودة على رفوف إحدى المحلات، والأجمل من ذلك أن تساهم هذه الشوكولا في تسويق فلسطين سياحياً واقتصادياً، وأن تكون خير سفير لها في العالم.