- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

جواز سفر قبل الدولة الفلسطينية؟

نجاة شرف الدين

بعد أقل من شهرين على تصويت الجمعية العامة للامم المتحدة بأغلبية 138 صوتا، في التاسع والعشرين من نوفمبر 2012 ، على قبول دخول دولة فلسطين الى الجمعية  بصفة مراقب ، أصدر الرئيس الفلسطيني محمود عباس، قرارا بالبدء بإصدار جوازات سفر وبطاقات هوية، ومستندات تسجيل السكان والأحوال المدنية، ورخص للمركبات والقيادة، وطوابع بريد تحمل اسم “دولة فلسطين”.
هذا القرار الذي جاء بعد تأخير دام أربعة وستين عاما ،  والذي يهدف الى مواكبة أعمال الدولة عبر بناء مؤسساتها ، يتزامن أيضا مع ما بدأ يظهر من مؤشرات داخلية من خلال المصالحة الفلسطينية الفلسطينية ، والتي تكرست بتنظيم مهرجان حاشد لحركة فتح في غزة ، بمشاركة حماس ، هو الأول منذ خمس سنوات ، في الذكرى الثامنة والأربعين لتأسيسها ، والذي تحدث فيه عباس عن النصر القادم ، واعدا بزيارة قريبة الى غزة .
هذه التطورات على المستوى الداخلي والخارجي ، لا يمكن فصلها عن الأحداث التي سبقت وتلت العدوان الإسرائيلي على غزة ، ودور مصر بزعامة الإخوان المسلمين في التوصل الى وقف النار ، وهو ما عزز دور حركة حماس ، وسرع في المصالحة الفلسطينية ، برعاية مصرية قطرية ، وكرس زعيم حماس خالد مشعل لقيادته ، بعدما غادر مسؤولي  الحركة سوريا .
التغييرات الفلسطينية والتي ربطها البعض بما يسمى ” الربيع العربي ” وتداعياته ، لا يمكن  وضعها في  خانة الإنجاز بمعزل عما يحصل على الجانب الإسرائيلي . ففي ظل التحضيرات الجارية في الداخل الإسرائيلي  لخوض الإنتخابات والتي لا يزال رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو يحظى بأغلبيتها، يحاول أفرقاء المعارضة التكتل بوجهه في محاولة أخيرة لكسب المعركة ، ويحاول نتانياهو تبني خطاب يغلب عليه الطابع الأمني والتهديد من الخارج لإسرائيل ، فبعدما فشل في إستدراج حليفه الأميركي الى معركة ضد إيران ، يسوق اليوم الى التهديد من الدول المحيطة
وهو أعلن، أن إسرائيل ستبني سياجا امنيا جديدا على طول حدودها مع سوريا لحماية الدولة العبرية من “الغارات والإرهاب”.
إستعادة نتانياهو لخطاب بوش الإبن ، عبر التخويف من العدو الخارجي وهو ” الإرهاب ”  لتمرير إجراءات تؤسس مرة جديدة الى عزل  إضافي لإسرائيل ، سيكون لها تأثيرات جذرية في المشهد  الفلسطيني  الإسرائيلي ، فبعد الجدار العازل ، يأتي السياج الكهربائي ، والذي كان بدأ بناؤه على الحدود المصرية وقد شارف على الإنتهاء ليستكمل على مرتفعات الجولان ، وقد برر نتانياهو هذه الخطوة بالقول : “إننا نعلم أن على الجانب الآخر من حدودنا مع سوريا، تراجع الجيش السوري وان عناصر من الجهاد العالمي حلوا محله. وبالتالي يجب علينا حماية هذه الحدود من الغارات والإرهاب، كما نفعل على طول الحدود مع سيناء” .
إسرائيل مستمرة في سياساتها الإستيطانية وفي سياسة العزل ، وهي ترفض فكرة الدولتين تعيشان جنبا الى جنب ، وتعمل على تكريس واقع على الأرض يحمي باعتقادها أمن أسرائيل ، وفلسطين ستنتقل من موقع السلطة الى موقع الدولة ،ولو بصفة مراقب ، و من دون الحدود والأرض والسيادة والإستقلال والعاصمة والشعب ،سيحصل الفلسطيني على جواز السفر قبل حصوله على الدولة ، فهل يسمح جواز السفر للفلسطينيين اللاجئين بالعودة الى أرضهم ؟